لله ... وليس للإخوان

لله ... وليس للإخوان
.......................................
يعلم الله عز وجل و القريبون من كاتب هذه الكلمات أنِّي لم أكن يوما من الرافعين لشعار عصمة الإخوان , أو المنزهين لهم عن الوقوع في الخطأ , بل على الدوام كنت من المؤمنين بأن الإخوان بشر , يصيبون ويخطئون , كذلك كنت على الدوام أقول لمن حولي : إن رأي صاحب الفكرة ملك لفكرته , ورأي صاحب الدعوة فيما يعرض له من قضايا ليس حقا له فيتنازل عنه , بل هو واجب عليه , عليه أن يؤديه لدعوته .. عليه أن يعلنه , بل ويدافع عنه , وإن أغضب في ذلك كل الناس , مادام ملتزما في ذلك بأدب الإسلام في الحوار ومقارعة الحجة بالحجة والدليل والبرهان , وما دام رضا الله عز وجل هو الغاية والمقصد.ء
هذا توضيح لا بد منه .. حتى يوضع كلامي في موضعه وتحت عنوانه الصحيح , وحتى لا يُخْرجه أحد عن مقصده الذي قصدت إليه .ء
في نهاية السبعينيات من القرن الماضي لغطت ألسنة كثيرة بشأن منهج الإخوان و صدق إتباعهم لمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم , بل لعلي لا أبالغ إذا قلت : إنني قابلت أناسا كانوا يتقربون إلى الله بسب الإخوان ورموزهم !!!. ولما بلغت المسألة مبلغا لا يمكن السكوت عنه , رد عليهم فضيلة المرشد الأستاذ الشيخ الجليل / عمر التلمساني رحمه الله رحمة واسعة قائلا : ألفت نظر إخواني هؤلاء إلى أن هناك من هو أشد خطرا على الإسلام من الإخوان المسلمين , فإذا انتهيتم من هؤلاء تعالوا إلي الإخوان . هكذا رد الرجل .. بحكمة.. وعلم.. وحزم.. وعزم.. وقد كان- رضي الله عنه- أمة وحده , جزاه الله عني وعن أبي و أمي و أبنائي و زوجتي و إخواني و أخواتي و المسلمين و المسلمات خير الجزاء.ء
تذكرت هذا وأنا أتابع جملة من المقالات التي تتهم الإخوان بالتبديل والنكوص على الأعقاب مع القعود دون تحمل المسؤوليات والركون إلى الدنيا , بل والركون إلى السلطان وعقد صفقات مشبوهة مع السلطة !!! وغير ذلك من الاتهامات . ولقد وجدتني وأنا أقرأ هذا الكلام أعود بالذاكرة إلى الوراء قليلا , أسترجع ما فات من العمر وما كان فيه من ذكريات , فتذكرت فيما تذكرت أنني عاصرت في الجامعة أياما وقفت فيها إحدى الطالبات في المدرج لتقول : أنا ذراعي الآن مرفوعة وإذا كان ربكم موجودا فلينزلها !!! أستغفرك ربي وأتوب إليك وتعاليت عما يقولون علوا كبيرا.ء
و تذكرت كذلك أنني ذات يوم كنت أتابع على صفحات الجرائد والمجلات في بداية السبعينيات من القرن الماضي جدلا بين أهل الفكر والثقافة وعلماء الدين في جواز أن يكون الرجل مسلما وشيوعيا في الوقت نفسه !!!, و إذ أنسى فلن أنسى كذلك أن أحد كبار الإخوان ( أظنه الأستاذ محمد حسين إن لم تخُنِّي الذاكرة) ذكر لي أنه ذات مرة دخل مسجدا ليصلي – وكان ذلك في بداية السبعينيات من القرن الماضي أيضا– فوجد شابا يصلي بالمسجد , فما كان منه إلا أن دعا إخوان الإسكندرية لاجتماع لمناقشة ودراسة هذه الظاهرة !!!.ء
ولمن نسي أذكِّره بأننا عاصرنا أياما كانت الاشتراكية فيها هي دين الدولة , و كان قرآنها هو الميثاق , وكانت أفعال الزعيم الملهم وأقواله هي السنة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها .ء
كان هذا هو المشهد , غياب كامل للإسلام عن دنيا الناس , اللهم إلا الاحتفالات بالمناسبات الإسلامية التي تحولت بدورها إلى سرادقات يُتقبل فيها العزاء في الإسلام , إذ أن كل حديث عن الإسلام كان بصيغة الماضي , أما الحاضر فلم يكن للإسلام فيه دخل من قريب أو بعيد.ء
وإذا كان الأمر كذلك فإنني أبيح لنفسي أن أسأل هؤلاء الذين يحاربون في غير ميدان : كيف تجدون المشهد الآن؟ وكيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه من انتشار للدعوة الإسلامية في شتى مجالات الحياة وفي شتى بقاع الأرض كذلك ؟ كيف تجدون المشهد الآن وقد عمرت المساجد بالشباب الطاهر التقي النقي ؟ وكيف بكم وقد بات الحل الإسلامي مطلبا للجميع ؟. كيف ترون المشهد الآن وقد أصبحت العودة للإسلام ظاهرة منتشرة بين جميع طبقات المجتمع ؟ .. أساتذة الجامعات .. المهندسون .. الأطباء .. المحامون .. رجال الأعمال .. الصيادلة .. التجار.. الصحفيون .. رجال الإعلام .. بل إن الأمر قد وصل حتى إلى ملاعب الكرة . تلك طبقات كان التدين فيها رمزا للتخلف والرجعية , ولم يكن مألوفا ولا حتى متصورا أن يكون هناك واحد من هذه الطبقات يلتزم السلوك الإسلامي في حياته كلها كما نراه الآن .ء
هل كان أحد يتصور أنه يمكن أن يأتي يوم نسمع فيه عن بنوك إسلامية ؟ لقد كان هذا ضربا في الخيال , ثم ها نحن نراه واقعا ملموسا في حياتنا , بل إن النظام الإقتصاد الإسلامي قد فرض نفسه على كثير من البنوك التي كان التعامل فيها مقصورا على الربا.ء
إن الطريق لهذه الإنجازات العظيمة لم يكن ممهدا ميسورا , ولم يكن مفروشا بالورود والرياحين , إنما كانت هناك دماء و أشلاء , فكم من أرواح زهقت , وكم من دماء سالت , وكم من أطفال تيتموا , ونساء ترملن ؟ كم من أعراض انتُهكت , و كم من حرمات ديست و انتٌهكت أستارُها ؟. كم من أسرٍ شٌرِّدت وجاعت لأن عائلها غائب عنها في غياهب السجون والمعتقلات ؟ كم .. وكم .. وكم .. وكم ؟ وصدق الله العظيم إذ يقول : ( ألم .. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) ... ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) . صدق الله العظيم . ء
إن إنزال الناس منازلهم خلق إسلامي أصيل , والاعتراف بالفضل لأهله من شيم الكرام , ثم إن للإسلام أدبا رفيعا في التعامل مع السابقين الأولين الذين كان لهم فضل السبق في رفع الراية ونشر الدعوة ( لعل الله اطلع على قلوب أهل بدر فقال لهم اعملوا ما شئتم .. فإني قد غفرت لكم ) .ء
ختاما أقول لهؤلاء : إن الإخوان لا يشغلون أنفسهم بهدم , ففي ميدان البناء متسع للجميع , دعوا الإخوان وشأنهم , وخللوا بينهم وبين دعوتهم , فإن طريقهم مرسومة خطواته معلومة حدوده , وأحسبهم – ولا أزكي على الله أحدا- أنهم لم يغيروا ولم يبدلوا , و لن يغيروا ولن يبدلوا بإذن الله , وحسب الإخوان من الله أنهم مأجورون .. إن أخطئوا فأجر واحد .. وإن أصابوا فأجران .ء
وبعد .. فهذه شهادة ما ابتغيت بها غير وجه الله سبحانه وتعالى .. وهو وحده العليم بهذا .. أشهد بها إبراء للذمة , و جلاء للحق , عسى ألا تلحق بنا لعنة الله لقوم ضاع الحق بينهم .ء
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

دعاء

دعاء عظيم من دعا به لم يكن لأحدٍِ عليه سبيل
........................................................................
.
حدّث عبدالله بن أبان الثقفي رضي الله عنه

قال : وجّهني الحجّاج في طلب أنس بن مالك رضي الله عنه فظننت أنه يتوارى عنه , فأتيته بخيلي ورجلي , فإذا هو جالس على باب داره مادّاً رجليه ،ء

فقلت له : أجب الأمير،ء

فقال : أي الأمراء ؟

فقلت : أبو محمد الحجّاج ،ء

فقال : غير مكترث (غير مبال ولامحزون)قد أذله الله ، ما أرى أذل منه ، لأن العزيز من عزّ بطاعة الله والذليل من ذل بمعصية الله ، وصاحبك قد بغى وطغى ، وإعتدى وخالف كتاب الله والسنه ، والله لينتقم الله منه

فقلت له : أقصر عن الكلام ، وأجب الأمير
فقام معنا حتى حضر بين يدي الحجّاج ،ء

فقال له :أنت أنس بن مالك ؟

قال : نعم.ء

قال الأمير: أنت الذي تدعو علينا وتسبّنا ؟

قال : نعم.ء

قال : وممّ ذاك ؟

قال : لأنك عاص لربّك , مخالفٌ لسنّة نبيّك محمد صلى الله عليه وسلم ،وتعزّ أعداء الله وتذلّ أولياء الله ، ء

فقال له : أتدري ما أريد أن أفعل بك ؟

قال : لأ.ء

قال : سأقتلك شر قتله ,ء

قال أنس رضي الله عنه : لو علمت أن ذلك بيدك لعبدتك من دون الله .ء

قال الحجّاج : لمً ذاك ؟
قال : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم علمني دعاء , وقال من دعا به كل صباح لم يكن لأحد عليه سبيل , وقد دعوت به في صباحي هذا !!ء

فقال الحجّاج : علمنيه !!ء

فقال أنس رضي الله عنه : معاذ الله أن أعلّمه لأحد مادمت أنت في الحياة ,ء

فقال الحجّاج : خلّوا سبيله !ء

فقال الحاجب : أيها الأمير لنا في طلبه كذا وكذا يوما حتى أخذناه فكيف نخلّي سبيله ؟

قال الحجّاج : لقد رأيت على عاتقه أسدين عظيمين فاتحين أفواههما .ء
ثم إن أنسا رضي الله عنه لما حضرته الوفاة علّم الدعاء لإخوانه وهو :بسم الله الرحمن الرحيم , بسم الله خير الأسماء بسم الله الذي لا يضر مع إسمه أذى بسم الله الكافي , بسم الله المعافي , بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ,بسم الله على نفسي وديني ..وبسم الله على أهلي ومالي ،بسم الله على كل شي أعطانيه ربّي ،الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر أعوذ بالله مما أخاف وأحذر ،ء
الله ربّي لا أشرك به شيئا عز جارك ، وجلّ ثناؤك وتقدّست أسماؤك ولا إله غيرك ,اللهم إني أعوذ بك من شر كل جبّار عنيد وشيطان مريدومن شرّ قضاء السوء ومن شر كل دابة أنت اخذُ بناصيتهاإن ربّي على صرط مستقيم
.ء

!!! صلاح الدين حافظ يكشف المستور


المعونة الأمريكية والتمييز بين المسلمين والمسيحيين ..... ء
صلاح الدين حافظ
.........................
هذا موضوع حساس يحتاج إلى تحقيق دقيق، إن لم يكن من جانب الدولة فمن جانب المجتمع المصري، بمنظماته ومؤسساته، بمسلميه ومسيحييه.
موضوع حساس لأنه يتعلق بأساليب إنفاق الجزء الرئيسي من المعونة الاقتصادية الموجهة لمصر، والتي يجري تخفيضها سنويا، فصارت الآن نحو 400 مليون دولار، بعد أن كانت في التسعينات 815 مليون دولار. لمن توجه، ومن الذي ينفرد باختيار المشروعات التي تمولها، وعلى أي أساس يتم اختيار هذه المشروعات وأصحابها.. على أساس سياسي، أم فكري، أم عقائدي وديني؟
لقد تعرضنا في المقال السابق لاختراق المعونة الأمريكية للمنظومة الثلاثية لصناعة العقل وتوجيه الرأي، وهي منظومة التعليم والإعلام والثقافة، وقدمنا ما رأيناه محاولة أمريكية، لتغيير العقول والأفهام والرؤى والأفكار، وبالتالي المواقف والسياسات في مجتمعنا..
اليوم نطرق اختراقاً آخر له حساسيته المفرطة، ولذلك طالبنا منذ البدء بضرورة التحقيق والتدقيق فيه، ونعني أن المعونة الأمريكية أصبحت سلاحاً لشق المجتمع المصري ولتغذية “الفتنة الطائفية” ولإثارة الشحناء بين المسلمين والمسيحيين، من خلال التمييز بينهم والتفرقة على أساس ديني، عند تمويل المشروعات بالمعونة الأمريكية هذه.
والأمر جلل يستدعي التساؤل، لماذا تتورط السياسة الأمريكية بهذا الشكل العلني الخطير في أدق علاقة بين مسلمي مصر ومسيحييها، وصولاً إلى تمييز بعض المسيحيين للاستفادة من هذه المعونة دون أقرانهم ومواطنيهم من المسلمين، وهل هذه دعوة جديدة للكراهية تغطي بها أمريكا كراهية شعوب المنطقة لمجمل سياساتها وحروبها وانحيازاتها؟
أمامي في هذا الأمر واقعتان:
* الواقعة الأولى، حدثت في منتصف التسعينات، حينما جاءتني باحثة جامعية، تستشيرني في رسالتها للماجستير، وكانت حول تأثير المعونة الأمريكية على مصر، ولفت نظري أن الباحثة ذكرت أن أهداف المعونة الأمريكية وأساليب إنفاق أموالها تثير مؤشرات سلبية في مصر، واتفقت معها، لكن ما صدمني حقاً ذكرها أن هيئة المعونة الأمريكية في سبيل تحقيق أهدافها، تفضل تمويل مشروعات صغيرة للشباب لخلق شريحة جديدة من الرأسماليين الجدد، يكبرون يوماً بعد يوم، وقد وجدت ذلك مفهوماً في إطار ما تفعله واشنطن لتغيير المجتمع المصري ودفعه نحو السوق الحرة واندماجه في العولمة.
الذي صدمني هو ما ذكرته الباحثة من أن هيئة المعونة الأمريكية تفضل اختيار الشباب المسيحيين لتشجيعهم في هذا المجال، وخصوصاً أولئك الذين ينتمون لعائلات مسيحية مصرية قديمة ومعروفة.. ولأن الأمر خطير، خصوصاً في فترة التسعينات حين كانت الهجمات الإرهابية والصدامات الطائفية ملتهبة، فقد نصحتها بالتحقق من هذه المعلومات، والأفضل عدم ذكرها تفصيلاً، حتى لا تساعد في تأجيج الفتنة الملتهبة، وتتهم بالتعصب والتحريض ضد المسيحيين.
لكنها فاجأتني بأمرين، أولاً أخرجت من حقيبتها ورقة، سجلت فيها 84 اسماً لشباب مسيحيين استفادوا من هذه المعونة، وهم أضعاف من استفادوا من المسلمين، وثانياً قالت لي لا تقلق فلن أتهم بالتعصب وإثارة المشاعر ضد هؤلاء الشباب المسيحيين، لسبب بسيط هو أنني مسيحية.
* الواقعة الثانية، مرت سنوات على الواقعة الأولى، سقطت من الذاكرة بحكم عوامل التعرية، حتى تذكرتها من جديد قبل أيام قلائل، حين قرأت في جريدة “المصري اليوم 10/7/2007”، تقريراً منشوراً على نحو نصف صفحة بعنوان “وثيقة أمريكية: اتجاه لتركيز المعونة على أماكن تجمع الأقباط في مصر”.
والتقرير منسوب إلى وكالة أنباء “أمريكا إن أرابيك” تقول فيه: إنها حصلت على نص وثيقة مقدمة للكونجرس يقر فيها مسؤول بارز بهيئة المعونة الأمريكية بأن واشنطن غيرت في السنوات الأخيرة هيكل المعونة المدنية الاقتصادية لمصر، لتركز بشكل غير مسبوق على المناطق السكنية التي يمثل الأقباط أغلبية فيها، وعلى ما سمته الوثيقة تقوية منظمات مسيحية غير حكومية.
يضيف التقرير المنشور: إن “جيمس أركوندر” مساعد مدير هيئة المعونة قدم هذه الوثيقة إلى اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط وإنها تضم عشر صفحات صدرت بتاريخ 17 مايو ،2006 وجرى تحديثها مؤخراً.
صدمتني المعلومات الواردة في الوثيقة المنشورة في صحيفة مصرية سيارة، وتوقعت أن تحدث دوياً، وأن تنتفض الدولة والمؤسسات المصرية لتكذيبها، أو أن يأتي التكذيب من أمريكا، ولكن شيئاً لم يحدث، وظللت حريصاً لأيام مضت على التدقيق في كل ما ينشر في الصحف المصرية، بتنويعاتها الثلاثة، القومية والحزبية والخاصة، لعلي أجد تعليقاً أو تكذيباً أو تأكيداً، فلم أجد ولم أسمع حساً ولا خبراً.
ساعتها قلت لنفسي: إن الوثيقة تحتمل الصحة والدقة أكثر مما تحتمل شيئاً آخر، ولذلك لجأ الجميع إلى مداراة الأمر رهاناً على أن الناس في بلادي عادة ما تنسى.
الآن وجب علينا طرح هذه الواقعة الخطيرة على الرأي العام، لنكشف له كيف تلعب السياسة الأمريكية وبرامج معوناتها لعباً خطيراً في أدق علاقات ووشائج المجتمع المصري حين تفرق في الإنفاق، بين من هو مسلم ومن هو مسيحي، بين تجمع قبطي وآخر، وهي تفرقة لن تنتج إلا مزيداً من التمييز ومزيداً من الصراع والشحناء والصدام ولدينا منه ما يكفي. فهل يكفي الصمت والمداراة انتظاراً لكارثة، أم على الدولة المصرية سرعة التحقيق، وحسم التمييز والاستقطاب، وإيقاف التدهور واصطناع الصدام؟
تقول الوثيقة نصاً “إن مشروعات هيئة المعونة الأمريكية في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية وتنمية المجتمع المدني، تعمل الآن في كل منطقة ذات نسبة سكانية قبطية كبيرة خصوصاً في جنوب مصر والقاهرة والإسكندرية”.. وتضيف في مكان آخر “أعادت المعونة الأمريكية تأهيل وتوسيع محطات المياه في 18 قرية من ذات النسبة السكانية القبطية الكبيرة، وقد زادت نسبة التمويل للقرى ذات النسبة القبطية الكبيرة، لبرامج معالجة المياه وحدها، على 200 مليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية....
اقتطفنا من الوثيقة معلومات أخرى تقول: إن هيئة المعونة قدمت 12 مليون دولار لتجديد عشرات من الأماكن القبطية المقدسة في مصر، مثل الكنيسة المعلقة وكنيسة مار جرجس وكنيسة سرجيوس، وتقول المعلومات أيضا إن هيئة المعونة قدمت 2.2 مليون دولار منحة لأربعين منظمة قبطية غير حكومية خلال السنوات الست الماضية دون علم الحكومة المصرية.
ثم تضيف الوثيقة المنشورة، أن المعونة الأمريكية تقدم دعما مباشرا للمنظمات المسيحية التي تعمل في مجال تنمية المحليات وتقوية قادة هذا المجتمع عن طريق التعليم والقيادة والتدريب على المهارات.. الخ.
هذا إذاً، كلام منشور في صحيفة معروفة بدقة مصادرها، منقول أو منسوب لوثيقة رسمية أمريكية قدمت للكونجرس، لتشرح التوجهات الحالية والجديدة لهيئة المعونة الأمريكية في مصر.. كلام لم يكذبه أحد من قريب أو بعيد، فهو لذلك يميل إلى أنه صحيح ودقيق، وكان علينا أن نتعامل معه بهذا المعيار.
وربما تدافع هيئة المعونة الأمريكية عن نفسها، بتمييز المسيحيين عن المسلمين، بأن المسيحيين مهمشون ومضطهدون، كما تقول دوائر أمريكية كثيرة، وكما تدعي منظمات أقباط المهجر، غير أن الحقيقة أن التهميش قائم، لكنه لا يفرق بين مصري وآخر على أساس الدين، وانظر إلى ملايين الفقراء وأغلبيتهم الساحقة بحكم عدد السكان من المسلمين..
مثل هذه الادعاءات لا تصلح مبرراً لهذا التمييز الأمريكي في أدق شؤون حياتنا، بل إن الأصل هو أن تكف أمريكا وسياساتها عن اختراق المجتمع المصري بإغراءات المال وضغوط السياسة وإغواء السلطة المنتظرة.
وهذه سياسات نراها معادية لمصر، ولغيرها من الدول التي تتكرر فيها هذه النماذج، ونراها جزءاً رئيسياً من سياسة “الفوضى الخلاقة”، الهادفة إلى تقسيم بلادنا على أسس طائفية ودينية وعرقية، بإثارة الفتن وتأجيج المشاعر وإلهاب الأزمات، بينما حكوماتنا لا تعمل بما فيه الكفاية، لقطع الطريق ومعالجة الأزمات وتحقيق المساواة على أساس المواطنة، وإقامة دولة القانون والمؤسسات التي تطلق الحريات للجميع من دون تمييز.
نعم.. هذه سياسات أمريكية معادية، تحتاج إلى مواجهة حاسمة ولوقفة جريئة تعرف الرفض، وتستطيع أن تقول لا، هذه سياسات ووقائع تستحق التحقيق على أعلى مستوى.
فإن لم تقم الدولة المصرية بمثل هذا التحقيق، فإن على منظمات المجتمع المدني الوطنية حقاً أن تفعل الآن قبل الغد، دفاعاً عن حرية الوطن ووحدة شعبه
.ء
............................................................
نقلا عن دار الخليج

المسكوت عنه في المسألة القبطية

خواطر حول المواطنة هل المطلوب- حقا -وطن للجميع ؟
تحدثنا في المقال السابق** عن المادة الثانية من الدستور و استغلال البعض لـ (مولد سيدي تعديلات) وإقامة مأدبة نواح للمطالبة بإلغائها زعما بأنها تتناقض مع مبدأ المواطنة , وقلنا في ختام المقال : إن الحديث عن (حدوتة) المواطنة ذو شجون , وتقف في الحلق منه غصَّات و غصَّات .ء
وكما قلنا سابقا : إن الغرض الحقيقي من الحملة على المادة الثانية - الغير مطبقة عمليا - هو سلخ الأمة من هويتها .. فإننا نجزم كذلك بأن النواح الدائم والعويل المستمر على المواطنة يصب في نفس الاتجاه ويدعم نفس الهدف , و من أغرب ما سمعت بهذا الخصوص ما سمعته مؤخرا من السيد المستشار نجيب جبرائيل و هو يتحدث عن المواطنة و مشكلات الأقباط , يقول سيادته مستنكرا : نحن لا زلنا نسمع من يقول : لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح عيسى بن مريم !!!! . قال هذا في إحدى حلقات برنامج الحقيقة للإعلامي وائل الإبراشي , و السيد جبرائيل معروف بأنه محامي الكنيسة وليس شخصا عاديا , و هو – قطعا - يعي و يدرك خطورة ما يقول , ولسيادة المستشار و من يدور في فلكه أقول : إن قائل هذا الكلام هو الله , و هو قرآن سوف يتلى إلى يوم الدين .. أبى من أبى وشاء من شاء , كما أنه بالنسبة للمسلمين عقيدة يَكْفُر من يخالفها حتى و إن كان من المسلمين , و هنا أذكِّر السيد المستشار بأن قيادات كنسية أرثوذكسية رفيعة المستوى قد قامت مؤخرا بتكفير الكاثوليك وطردتهم من ملكوت الرب ورحمة السماء مع أنهم يدينون بنفس الدين !!! , كما أنني – شأني في هذا شأن كثير من الناس – نريد من سيادته أن يوضح لنا : لماذا لم يستقبل قداسة البابا شنودة - رأس الكنيسة الأرثوذكسية - بابا الفاتيكان الأسبق يوحنا بولس الثاني أثناء زيارته لمصر في سنة 2000 م ؟؟؟ ، و ما تعليق سيادته على ما حدث عندما ذهب بابا الكاثوليك الذي يتبعه ويقدسه اغلب النصارى في العالم ـ نحو مليار من البشر ـ إلى دير سانت كاترين في سيناء ـ التابع للروم الأرثوذكس ـ و أراد أن يصلي في الدير، فرفض القساوسة والرهبان دخول البابا الكاثوليكي إلي الدير، لأنه ـ في نظرهم ـ كافر ، فصلى الرجل في الحديقة ، أي خارج الدير ؟؟؟.
إذا كان هذا قد حدث مع أتباع دينكم .. فكيف تستنكرون على المسلمين ما أبحتموه لأنفسكم مع أبناء عقيدتكم ؟!! و يأتي بعد ذلك السؤال الأهم : كيف ينظر إخواننا الأقباط إلينا فيما يخص علاقتنا بالعقيدة النصرانية؟!! هل نحن بالنسبة لهم مؤمنون أم كفار ؟ أترك الإجابة هنا لسيادة المستشار. و أتصور أنه من نافلة القول هنا أن نقول : إن الناس في علاقتهم بالدين – أي دين – لا يَعْدُون أن يكونوا واحدا من إثنين : إما مؤمن و إما كافر , ولا أظن أن هناك منطقة وسطا بين الاثنتين , غير أننا صرنا في زمن العجائب كما يقول أستاذنا فهمي هويدي حيث صارت البدهيات والمُسَلَّمات مطروحة للنقاش والبحث بل في حاجة للتوضيح والشرح , وصدق من قال :-ء
والليالي من الزمان حُبالى
مثقلاتً يلدن كل عجيب !!!ء
و يلزم هنا توضيح لا بد منه لإزالة لبس في المفهوم قد وقع فيه كثير من الناس , ألا وهو أن وصف الكفر هنا ليس سبا و لا شتما , إنما هو وصف لواقع يعيشه غير المسلم الذي لا يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم , التي هي خاتم الرسالات في عقيدة المسلمين , و غير المسلم بكفره هذا يمارس حقا كفله له الإسلام : (( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..)) و ء(( لا إكراه في الدين )) و الآيات و الأحاديث في هذا أكثر من أن تحصى أو تعد .ء
ليس المراد إذن الحديث عن المواطنة ولا عن مشكلات الأقباط .. و إنما هو لغط حول القرآن الكريم و طعن في ثوابت العقيدة عند الأمة كما يقول الشيخ العلامة د. يوسف القرضاوي : (( إن من أخطر القضايا التي نبَّهتُ عليها في أكثر من كتاب لي : محاولة خصوم الفكر الإسلامي التشكيك في المُسلَّمات وبذل الجهد في تحويل اليقينيَّات إلى ظنِّيَّات والقَطْعيات إلى مُحْتَمَلات قابلة للأخذ والردّ ِ، والجذْب والشد ، والقِيلِ والقال , وحسْبهم الوصول إلى هذه النتيجة : زحزحة الثوابت أو مُناطحتها بُغْية تذويبها حتى لا تقف سدًّا منيعًا أمام الذين يُريدون أن يَهدموا حُصون الأمة ، أو على الأقل : يخترقوا أسوارها )).ء
نحن – إذن – أمام صورة من أبشع صور الإرهاب الفكري الذي يمارس ضد المسلمين وعقيدتهم , و المطلوب منهم – والحال هكذا - أن يغيروا عقيدتهم و أن يأخذوا من القرآن ما يوافق عليه السيد جبرائيل و من هم على شاكلته حتى ينالوا الرضا و يصبحوا مواطنين صالحين !!!!!. وهنا أكرر ما قلته قبل ذلك : إن الوحدة الوطنية ليست صنما يُعْبد من دون الله في الأرض , وليس مطلوبا ولا مطروحا أن يدفع المسلمون دينهم ثمنا لهذه الوحدة , ورحم الله الشيخ الجليل عمر التلمساني الذي أوضح هذه المسألة بجلاء بقوله : إن الوحدة الوطنية غالية علينا ونفتديها بأرواحنا ... أما بديننا فلا.ء
فيما يخص مبدأ المواطنة فإن الدستور المصري قد نص بوضوح شديد على أن المصريين جميعا أمام القانون سواء , متساوون في الحقوق والواجبات , و لا أجدني في حاجة إلى كثير جهد أو عناء لإثبات غياب هذه المقولة عمليا فيما يخص واقع المسلمين , و أي رصد دقيق للمشهدين الإجتماعي والسياسي في مصر سوف يضعنا جميعا أمام حقيقة لا مراء فيها ولا بد من مواجهتها وهي أننا بِتْنا أمام ما يُسمى بديكتاتورية الأقلية , ويبدو هذا واضحا في الحساسية المفرطة في تعامل أيٍّ من أجهزة الدولة مع كل ما يخص الشأن القبطي ... صغر حجمه أو كبر , حتى أن المسألة تصل في غالب الأحوال إلى الضرب بالقانون نفسه عرض الحائط لإسترضاء الطرف القبطي أيا كانت النتائج , بل إني لا أبالغ إذا قلت إننا أمام ما يشبه الإتفاق الضمني الغير معلن بين الكنيسة والنظام على تغييب القانون .
ولقد ملأت المرارة حلقي – كما حدث لكثيرين غيري - و أنا أستمع لأحد طلاب جامعة الأزهر ( إبان أزمة العرض الرياضي بالجامعة) وهو يطالب بأن تتم المساواة في المعاملة بين زملائه طلبة الأزهر وبين الشباب الأقباط الذين تم القبض عليهم بعد تعديهم بالحجارة على رجال الأمن في تظاهرة كاتدرائية العباسية المشهورة أيام أزمة السيدة وفاء قسطنطين , مع أن الفارق بين الواقعتين كبير , ففي جامعة الأزهر لم يعْدُ الأمر أن يكون نشاطا طلابيا داخل أسوار الجامعة بغض النظر عن إتفاقنا أو إختلافنا معه , وبغض النظر كذلك عن موافقة النشاط للوائح الجامعة أو مخالفته لها فلهذا مقام آخر , أما في حالة الكاتدرائية فنحن أمام جريمة واضحة المعالم مكتملة الأركان والتوصيف , نحن أمام جريمة يوَصِّفُها القانون على أنها : اعتداء على موظف عام أثناء تأدية وظيفته , وقد نتج عن هذا الاعتداء إصابات وجروح نُقِل على إثرها العشرات من جنود و ضباط الشرطة إلى المستشفى للعلاج , ثمة فارق بسيط لم يلحظه المساكين طلاب الأزهر : أن الشباب الأقباط لهم ( بابا ) يغضب لهم ويعتكف في الدير من أجلهم , أما (اليتامى) طلبة الأزهر
فإن ( شيخهم ) قد وصفهم بأنهم خراف ضالة !!!!..ء
!!!وكل مواطنة و أنتم طيبون
................................................................
** المقالان منشوران بصحيفة المصريون الإلكترونية
الجزء الأول
الجزء الثاني

!!! ... ماذا يريد اللاعبون بالنار؟

الغزالي يتكلم
فضيلة الشيخ / محمد الغزالي
إذا أراد إخواننا الأقباط أن يعيشوا كأعدادهم من المسلمين فأنا معهم فى ذلك، وهم يقاربون الآن مليونين ونصف**، ويجب أن يعيشوا كمليونين ونصف من المسلمين .. لهم ما لهم من حقوق، وعليهم ما عليهم من واجبات، أما أن يحاولوا فرض وصايتهم على المسلمين، وجعل أزِمَّة الحياة الاجتماعية والسياسية فى أيديهم فلا .. إذا أرادوا أن يبنوا كنائس تسع أعدادهم لصلواتهم وشعائرهم الدينية فلا يعترضهم أحد .. أما إذا أرادوا صبغ التراب المصرى بالطابع المسيحى وإبراز المسيحية وكأنها الدين المهيمن على البلاد فلا .. إذا أرادوا أن يحتفظوا بشخصيتهم فلا تمتهن وتعاليمهم فلا تجرح فلهم ذلك، أما أن يودوا “ ارتداد “ المسلمين عن دينهم، ويعلنوا غضبهم إذا طالبنا بتطبيق الشريعة الإسلامية، وتعميم التربية الدينية فهذا ما لا نقبله .. إن الاستعمار أوعز إلى بعضهم أن يقف مراغماً للمسلمين، ولكننا نريد تفاهماً شريفاً مع ناس معقولين .. إن الاستعمار أشاع بين من أعطوه آذانهم وقلوبهم أن المسلمين فى مصر غرباء، وطارئون عليها، ويجب أن يزولوا، إن لم يكن اليوم فغداً . وعلى هذا الأساس أسموا جريدتهم الطائفية “ وطنى “ ! ومن هذا المنطلق شرع كثيرون من المغامرين يناوش الإسلام والمسلمين، وكلما رأى عودة من المسلمين إلى دينهم همس أو صرخ: عاد التعصب، الأقباط فى خطر !!ء
.
الكتاب صدرمنذ ثلاثين عاما تقريبا **
..........................................
نقلا عن كتاب قذائف الحق للغزالي