الإخوان لم يسقطوا .. فلمَ السكاكين يا قوم؟!!

.

الإخوان لم يسقطوا .. فلمَ السكاكين يا قوم؟!!

إذا وقع الثور كثرت السكاكين .. مثل شعبي يعبر أصدق تعبير عن حالة من الانتهازية وتصيد الأخطاء وترقبها , و هي حالة قد تكون مفهومة – غير مبررة – حال سقوط الثور , أما إذا شهرت السكاكين في وجه من لم يسقط أساسا فتلك مسألة تستحق منا وقفة .

طوال الفترة الماضية ومنذ إعلان الإخوان عن القراءة الأولى لبرنامج حزبهم المقترح , لا يجد المتتبع للمشهد السياسي المصري عناء في إدراك حالة من التربص و تصيد الهفوات من نفر غير قليل من النخبة السياسية في مصر من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار تجاه الإخوان , و هو موقف غاية في الغرابة والإستهجان لعدة أسباب لعل من أهمها :-


أولا: أنه في ظل حالة الضبابية الشديدة التي تحكم مواقف قطاع كبير من هؤلاء , حتى بدا المشهد و كأن القوم لم يعد لهم يمين من شمال (على رأي بعض المتصوفة) .. في ظل هذه الحالة يأتي القوم ليعاقبوا الإخوان على وضوحهم و شفافيتهم الكاملة في إعلانهم عما يؤمنون به دون خداع أو مواربة في قضايا مفصلية هامة وجوهرية و هم الذين يحجمون عن الخوض في أمور أقل أهمية بكثير مما أقبل الإخوان على الولوج فيه و الخوض في غماره , وبصرف النظر عن إتفاقنا أو إختلافنا مع ما طرحه الإخوان من آراء إلا أن الإنصاف يقتضي تحية الإخوان لا معاقبتهم على الوضوح والشفافية.


ثانيا : أن القوم ما انفكوا يلومون الإخوان و يهاجمونهم على عدم وجود برنامج سياسي محدد الملامح يوضح رؤية الإخوان للحكم حال وصولهم إليه , و كثيرا ما قرأنا وسمعنا عن مطالبة الإخوان بالبعد عن الشعارات و الهتافات العامة و الأفكار الفضفاضة , فما أن أعلن الإخوان برنامجهم حتى رأينا ما رأينا , وكأن لسان حال القوم يقول : أيها الإخوان .. أنتم على الدوام مدانون أو مدانون !!!.


ثالثا : أن هؤلاء مارسوا نوعا من الوصاية المرفوضة على الشعب المصري , وقد تمثل هذا في مصادرة حق الشعب في أن يكون هو الحكم في النهاية على ما يقدمه الإخوان من رؤى و أفكار , فهو – وحده -صاحب الحق الأصيل في اختيار من يحكمه وكيف يحكمه , و ليس لأي فصيل – بما في ذلك الإخوان – أن يمارس هذه الوصاية على الشعب , و على الجميع أن يدرك أن هذا من أول بدهيات و إستحقاقات الديموقراطية التي يتغنى بها بها الجميع .


رايعا : أن المطروح للنقاش هو قراءة أولى لأفكار الإخوان و رؤاهم , و قد أعلن الإخوان ذلك أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة , و في نفس الوقت أعلنوا استعدادهم لمراجعة ما تم طرحه في ضوء ثوابت الجماعة و أهدافها الإستراتيجية , و لا يتصور أحد أنه مطلوب من الجماعة أن تطمس هويتها و تفرط في ثوابتها التي أكسبتها شرعية جماهيرية تفتقدها غالبية التيارات السياسية العاملة على الساحة حتى تنال الرضا و ينعم القوم عليها بالقبول.


خامسا : أن الإخوان طرحوا فكرا و رؤية ولم يجيشوا الجيوش أو يدعوا أتباعهم لحمل السلاح لفرض برنامجهم بالقوة , و طبقا لأبسط مباديء الديموقراطية فقد مارس الإخوان بهذا حقا أصيلا من حقوقهم ليس لأحد أن يمنعهم من ممارسته , وقد رأينا جميعا كيف يسمح لأشد البرامج تطرفا بالمشاركة في العملية السياسية في أوروبا و أمريكا دونما إقصاء لأحد , و رأينا كذلك كيف يرضى الجميع باختيار الشعب , ولعل ما حدث من فوز اليمين المتطرف في سويسرا مؤخرا تأييدا لما أقول.

لا ادري لماذا تملكني شعور قوي بأن كثيرا ممن وجهوا سهامهم للإخوان قد قرءوا البرنامج قراءة مبتسرة أو لم يقرءوه أصلا – و انا هنا لا أعفي الإخوان من المسؤولية عن هذا - و إلا فما ورد في برنامج الإخوان و أثير حوله جدل شديد .. لو قرئ بعين منصفة مجردة عن الهوى لما وصل الأمر لحد اتهام البعض للإخوان بأنهم يستنسخون ولاية الفقيه لدى الحديث عن لجنة العلماء , ولما اتهم البعض الإخوان بإهدار حقوق المواطنة و ( مرمغتها في الطين ) لدى الحديث عن ولاية الأقباط والمرأة , و لو قرأ القوم رؤية الإخوان بعين منصفة لوجدوا فيها خيرا كثيرا , و ليسمح لي القاريء الكريم بقراءة هذه الفقرة من الفصل الثاني الذي يتحدث عن النظام السياسي كمثال على ما أقوله , وفيها بالنص ما يلي :-

جـ - نظام الإدارة المحلية:

لتطوير الإدارة المحلية يتبني البرنامج نظام الحكم المحلي وليس مجرد الإدارة المحلية ، بما يستتبعه من اللامركزية وتعميق الممارسة الديمقراطية الأمر الذي يستلزم الآتي :

1- اختيار المحافظ بالانتخاب الحر المباشر.

2 - منح أعضاء المجالس الشعبية المحلية المنتخبة بمختلف مستوياتها وسائل الرقابة المختلفة كالسؤال وطلب الإحاطة والاستجواب وطلب المناقشة العامة وسحب الثقة وغيرها.

3 - منح المجالس الشعبية المحلية المنتخبة حق اقتراح المراسيم المحلية وضبط الميزانيات المحلية في إطار القانون و الخطة العامة للدولة.

4- تبعية أجهزة الأمن علي مستوي المحافظة للمحافظ المنتخب وليس للإدارة المركزية.

لماذا لم يتطرق أحد لمثل هذا الطرح ؟!! ولماذا لم يتم تناوله بالبحث و النقاش ؟!! أليس هناك إجماع وطني على أن المحليات بنظامها الحالي صارت مرتعا للفساد و المحسوبية ؟!! فإذا كان الأمر كذلك – دون دخول في تفاصيل ليس هذا مقامها – فكيف يكون الحال لو أخذنا بما قال به الإخوان ؟ ألسنا بصدد إحداث طفرة هائلة على جميع المستويات ؟!!.

نفس الكلام يمكن قوله فيما يخص قضيتي المرأة و الأقباط , ففي الفقرة المشار إليها آنفا نقرأ في بندها الأول ( اختيار المحافظ بالانتخاب الحر المباشر ) !!! ولا أجدني في حاجة لتوضيح أن هذا الأمر يشمل المرأة والقبطي بطبيعة الحال , و المسألة هنا واضحة لا لبس فيها ولا غموض , وبعيدا عن المزايدات وما يمكن أن نسميه ( فانتازيا سياسية ) تعالوا جميعا نتسائل : أين الأقباط في واقع الآخرين ؟ إن وجود الأقباط عند الآخرين – بما فيهم الحزب الوطني – يخضع لحسابات و مواءمات يعلمها الجميع , ولا يخضع لمواقف مبدئية ثابتة كما أعلنها الإخوان , ولا يفوتني هنا أن أكرر ما قلته قبل ذلك : إنني كواحد من أبناء الحركة الإسلامية أفضل محافظا قبطيا أمينا على مصالح البلاد والعباد .. أفضله ألف مرة على محافظ مسلم لا يضطلع بمسؤولياته , وبعيدا عن الفانتازيا السياسية مرة أخرى دعونا نتساءل : أين المرأة في واقع الآخرين كذلك ؟ كم رئيسة للجمهورية قرأنا عنها ؟ وكم رئيسة وزراء رأيناها ؟ بل كم وزارة تولتها امرأة فيما عدا وزارة عائشة راتب وآمال عثمان ؟!! أقصد وزارة الشؤون الإجتماعية ؟ , و أتساءل أيضا : كم حزب ليبرالي أو تقدمي أو أيا ما كانت وجهته إلى اليمين أو إالى اليسار ولى رئاسته امرأة ؟!!! .


نأتي بعد ذلك لما توهم البعض أنها القاصمة وهي الفقرة الخاصة بهيئة العلماء و نقرأ فيها ما نصه ( و رأي هذه الهيئة يمثل الرأي الراجح المتفق مع المصلحة العامة في الظروف المحيطة بالموضوع ، ويكون للسلطة التشريعية في غير الأحكام الشرعية القطعية المستندة إلى نصوص قطعية الثبوت والدلالة القرار النهائي بالتصويت بالأغلبية المطلقة علي رأي الهيئة ) . و لو كلف القوم أنفسهم بقراءة رسألة مبسطة في أصول الفقه لعلموا أن الأحكام الشرعية المستندة إلى نصوص قطعية الثبوت و الدلالة قليلة جدا و هي ما يسميه الفقهاء معلوما من الدين بالضرورة أو بتعريف آخر هي ما يصير به المسلم مسلما , وهي دائرة ضيقة تكاد تنحصر في أحكام العقائد وبعض أحكام المعاملات التي لا يجوز لمسلم الخروج عليها أو عدم اتباعها , و رأي الإخوان واضح وضوح الشمس في رابعة النهار أن التصويت بالأغلبية المطلقة ينسخ رأي الهيئة فيما عدا ذلك من الأمور , وما عدا ذلك فهناك فضاء واسع رحب .. للعقل أن يعمل فيه كيف شاء , أما إذا كانوا يريدون من الإخوان مخالفة عقيدة الأمة و الخروج على ثوابتها حتى ينالوا الرضا و ينعم القوم عليهم بالقبول فهذا شأن آخر وله – كذلك - حديث آخر.

...............................................................................

المقال على إخوان أون لاين

يارب غضبك علينا

يارب غضبك علينا

تأملت حال كثير من الناس فوجدت لسان حالهم يقول : يارب غضبك علينا ... يستجلبون غضب الله و ينشرون الفساد في الأرض , لا أتحدث هنا في السياسة و لا عن أهل الحكم في بلادي , و لكني أتحدث عن الناس .. عن أهلي و عشيرتي ... و اهلك وعشيرتك ... والمجتمع كله .

كنت في زيارة لأحد أقاربي منذ وقت قريب و سألتهم عن الاحوال فقالوا إنهم سوف يقدمون (شبكة) إبنهم بعد العيد فسألتهم من باب الفضول و الوقوف على أحوالهم – و ليتني ما فعلت – بكم الشبكة ؟ فقالوا : بـ 35000ج !!! فقلت على الفور : ليييييييييه ؟ لأني أعلم بحالهم فقالوا : أهل العروسة سوف يساهمون بـ 20000 ج و نحن سنكمل الباقي فقلت : و عشان إيه دا كله ؟؟؟ فقالوا : و الله هما عايزين كده !!! ( أريد وضع 35000 علامة تعجب) فخرجت من عندهم أضرب كفا بكف و قلت في نفسي : ما بال الناس يعسرون على أنفسهم ؟؟؟ و يستنزلون غضب الله عليهم ؟؟؟

بعدها سمعت عن إحدى قريباتي أنها – وهي تجهز لإبنتها – تشتري من كل صنف ثلاثة أنواع ( يعني مثلا طقم الحلل إستانلس و ألومنيوم و حاجة ثالثة مش عارف إسمها و كنا زمان نسميها سكسونيا ) و ( يعني مثلا برضه طقم الصيني و معاه البيركس و معاهم الميلامين ) و هكذا , و ما دفعني للكتابة في هذا الأمر و (حرق دمي ) أنني كنت أتحدث مع أحد الإخوان أمس في نفس الموضوع فقال مصدقا على كلامي : إن له إحدى قريباته إشترت ملابس بـ 10000ج في جهازها فجن جنوني .. ماذا جرى للناس ؟؟؟ ما بال الناس يتسابقون في التعسير على أنفسهم بهذا الشكل ؟؟؟

إن حال الناس في مصر لا يخفى على أحد من ضيق ذات اليد و الفقر الشديد , و هذا – بالطبع – يستوجب من الجميع أن يبحثوا عن سبل التيسير , و مع ذلك ترى كثيرا من الناس لسان حالهم يقول : يارب عسر ولا تيسر !!! و كأن الجميع في حال عناد مع الله عز وجل و العياذ بالله .

يا قوم يسروا ييسر الله عليكم , و أروا الله من أنفسكم الذل لعظمته و الإستكانة لجبروته و الحاجة لعفوه وكرمه , حتى تنزاح الغمة و ينكشف الهم و يأتي الفرج

يا قوم لا تبغوا الفساد في الأرض و تبارزوا الله بعنادكم و استكباركم في الأرض و التعسير على أنفسكم

يا قوم اسمعوا لحبيبكم صلى الله عليه وسلم وهو يقول ( أقلهن مهرا أكثرهن بركة) أو كما قال صلى الله عليه وسلم

يا قوم لا تحادوا رسول الله و تغالوا في المهور فينزع الله البركة من حياة أبنائكم وبناتكم

يا كل أب ... يا كل أم ... يا كل بنت ترغب في العفاف ... يسروا على الشباب .. يكفيكم من الشاب أن يكون مسلما تقيا يتق الله في ابنتكم – بالفعل لا بالقول- ويكون كفؤا لها قادرا على كسب ما يكفي لإقامة أسرة.

يا كل أب ... يا كل أم ... يا كل بنت ترغب في العفاف كفي الشباب ما حولهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن , فلا تكونوا عونا للشيطان عليهم .

يا كل أب ... يا كل أم ... يا كل بنت ترغب في العفاف ... إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير

ألا هل بلغت ...... اللهم فاشهد

ألا هل بلغت ....... اللهم فاشهد

ألا هل بلغت ....... اللهم فاشهد

مسؤولية الإخوان تجاه الأقباط


مسؤولية الإخوان تجاه الأقباط
.
نتناول في هذا الجزء واحدا من أهم التحديات خطورة في مواجهة الإخوان وهو ملف الأقباط ، وخطورة هذا الملف تنبع من كونه لغما اجتماعيا جاهزا للتفجير في أي لحظة , أقول التفجير وليس الانفجار , فالتفجير يتم بفعل فاعل , والفاعل هنا ليس مجهولا . وأُذَكِّر هنا مرة أخرى بما بدأت به هذه المعالجة بأنه بقدر استعداد الإخوان – قيادة وأفرادا- لتحمل مسئوليتهم التاريخية في هذا الوقت الحرج بقدر ما يمكن أن نتفاءل بإمكانية عبور هذا النفق المظلم .
بداية لابد من أن أسجل هنا أن هذا الموضوع تحديداً – أكثر من غيره- يُستغل لابتزاز الإخوان سياسياً , وهو ما يجب على الإخوان أن يحذروا منه كل الحذر , وعلى من يتصدر من ساسة الإخوان لمعالجة هذا الملف الشائك أن يعد لهذا الأمر عدته , وفي القلب من هذه العدة العلم الشرعي الذي يحفظ من الوقوع في مخالفات شرعية لإرضاء هذا أو كسب تأييد هؤلاء.
منذ فترة كان لي عمل تجاري خاص وكنت أحرص على التعامل مع بعض الإخوة من الأقباط الذين لهم علاقة بهذا النشاط وكنت حريصاً من خلال هذا التعامل أن أوصل لهؤلاء الإخوة رسالة بعينها , إلى أن جاءني ذات يوم (الأسطى جمال) وسألني مباشرة: "هو صحيح يا باشمهندس لو مسكتم الحكم هتعلقونا على المشانق ؟!!! " ، كان السؤال غريباً ومباغتاً في نفس الوقت، ولكني تعاملت معه بالجدية اللازمة وسألته على الفور: " إنت شايف في أسلوب تعاملي معاكم ياجمال ما يؤيد هذا؟!!" ، فرد بتلقائية " ده اللي خلاني أسألك" ، فقلت له على الفور: يا أخ جمال ما تراه مني هو ما أفهمه من ديني , وأوضحت له ما أفهمه من قول الحق تبارك وتعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) , وكذلك هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في التعامل مع أهل الكتاب ووصيته بهم خيرا , و تابعت قائلا : يا أخ جمال أنا أحسن التعامل معك ومع إخوانك من الأقباط من هذا المنطلق وليس من أي منطلق آخر ولو أمرني ديني بغير ذلك لفعلت . استغرقت الجلسة مع (الأسطى جمال) ما يقرب من الساعتين فوجئت في نهايتها بالأسطى جمال ينتفض سائلاً : " أُمَّال بيقولولنا غير كده ليه ؟!!!.
لعل هذه الواقعة تكون مدخلاً لما أتصور أن على الإخوان أن يقوموا به في المرحلة القادمة لقطع الطريق على المزايدين بهذا الملف ، الذين لا يرقبون في مصري إلا ولا ذمة وأكثرهم العملاء والمتآمرون. ما أريد تقريره هنا أن المدخل الوحيد لهذا الملف هو التوجه مباشرة إلى العامة من إخواننا الأقباط , وليس الاقتصار على حوارات النخب وأدبيات الغرف المغلقة , فهذا في كثير من الأحيان يتحول إلى ترف فكري لا يعني في قليل أو كثير البسطاء من أبناء هذا الشعب , سواء في ذلك المسلمون منهم و الأقباط , وهؤلاء البسطاء هم في حقيقة الأمر وقود أي حريق طائفي , وهم الأداة التي تتحرك عند اللزوم.
إن تحمل الإخوان –كرواد للإصلاح- لمسئوليتهم التاريخية في هذا الظرف الحرج يفرض عليهم فرض عين أن يتركوا هذا الترف الفكري لأصحابه و ينزلوا إلى الميدان , نعم .. على الإخوان أن ينزلوا إلى ميدان المعركة الحقيقي .. إلى الشارع.. إلى الناس .. وإلى البسطاء منهم على وجه الخصوص , على الإخوان – كل الإخوان – أن يضربوا للمسلمين من أنفسهم المثل والقدوة في أسلوب التعامل مع الأقباط , وكما يقولون : فعل رجل في ألف رجل خير من كلام ألف رجل لرجل ، وعلى الإخوان أن يحولوا أدبياتهم في هذا الموضوع إلى ثقافة , أي إلى سلوك عملي يمارسه الأفراد بتلقائية ، وليس مجرد معلومات جامدة تملأ صفحات الكتب و المجلات , فهذا وحده هو الكفيل بإعادة اللُّحمة و الحميمية لعنصري الأمة , والتي هي بدورها الحصن الحصين والسد المنيع أمام كل محاولات التفريق والفتنة .
إن دراسة متأنية بعين فاحصة مدققة للأحداث التي صاحبت واقعتي وفاء قسطنطين و من بعدها كنيسة الإسكندرية ( وهما مجرد مثالين ) تؤكد صحة ودقة ما ذهبت إليه من وجهين :-
الأول : أن حجم الغضب - بل الحقد والكراهية – الذي صاحب هذه الأحداث لم يكن متناسبا على الإطلاق مع حجمها , و ما رأيناه لم يكن في حقيقته سوى انعكاس لحالة من التحريض والشحن الطائفي طال زمنها , وتعددت أدواتها .
الثاني : أن غالبية – إن لم يكن كل - المشاركين في هذه الأحداث كانوا من الشباب والأحداث صغار السن , وهذا بدوره ذو دلالة لا تخفى على كل ذي بصيرة , فهؤلاء يحركهم العاطفة والهوى , ويسهل تحريضهم و إيغار صدورهم بل والتغرير بهم , بما يخدم أهدافا ومصالح باتت معلومة للداني و القاص .
ما أريد الخلوص إليه هو أن حالة العزلة المفروضة على إخواننا الأقباط هي التربة الخصبة التي ينمو فيها الغلو و تزدهر فيها بذور الحقد والكراهية , وهذا يفسر كون غالبية المشاركين في هذه الأحداث من الشباب والأحداث , وأيا ما كانت أسباب هذه العزلة وملابساتها ( والمقام لا يتسع للخوض في تلك الأسباب والملابسات ) , فإن المسلمين – وفي المقدمة منهم الإخوان – يتحملون جزءاً كبيراً من مسؤولية كسر جمود هذه العزلة , وهذه معركة الإخوان الحقيقية في هذا التحدي , و على الإخوان أن يدركوا أن أخذ زمام المبادرة في هذا واجب لا يصح أخذه على التراخي , وهو أمر ليس بالهين , وتحول دونه عقبات وعقبات , وتقف أمامه سدود وموانع كثيرة , بل أقولها بصراحة ووضوح يقتضيهما المقام : إن هناك من يريد لهذا اللغم أن يظل جاهزا للتفجير في أي لحظة وعند اللزوم , كل هذا معلوم , ولكن من المعلوم أيضا أن إصلاح شأن أمة ليس بالأمر الهين كذلك
..................................
المقال على : المصريون

الإخوان والتحديات الكبرى

الأحبة الفضلاء .. هذه الكلمات كتبتها منذ ما يزيد على العام ونصف تقريبا .. أي بعد إنتخابات مجلس الشعب 2005م , ومع الأحداث الجارية الآن على الساحة السياسية وجدت أنه من المفيد أن نعيد قراءتها ثانيا , لعل هذا يثمر في الحوار الدائر الآن , وأرجو من الجميع المشاركة في حوار هادف بناء , ولكم /لكن جميعا خالص تحياتي*
...................................................................
.

تمر جماعات العمل السياسي و حركات التغيير على الدوام بمنحنيات صعود وهبوط , أو ما يمكن أن نسميه كذلك تمددا وانكماشا , يؤثر في هذا عوامل كثيرة , منها ما له علاقة مباشرة بهذه الجماعات وبنيتها الداخلية ومدى استجابتها وتفاعلاتها مع الضغوط التي تمارس عليها , كذلك مدى استجابتها وتبنيها لطموحات الجماهير ومصداقيتها في ذلك , ومنها ما يتعلق بالأنظمة الحاكمة التي تواجهها هذه الجماعات . و لعل المتتبع الراصد للحياة السياسية في مصر يلحظ بما لا يدع مجالا للشك أن جماعة الإخوان المسلمين في الآونة الأخيرة قد فرضت نفسها وبقوة كطرف أساس في اللعبة السياسية ، وفرضت نفسها كذلك كرقم يصعب – إن لم يستحل – تجاهله في أي مواءمات أو توافقات سياسية.
يأتي هذا في ظل ظروف غاية في الصعوبة والدقة على المستويين المحلي والدولي ، فلقد بات واضحا غير خاف على أحد أن مصر والمنطقة بأسرها تمر الآن بمرحلة مفصلية هي غاية في الخطورة والدقة في آن , ولا أظن أن هناك أخطر ولا أعظم من المجهول الذي بتنا جميعاً في انتظاره .
في ظل هذه الظروف البالغة الحساسية والدقة يتصدر الإخوان – وهذا قَََدَرهم و مسئوليتهم - ركب الإصلاح والمصلحين , و إذا كان الأمر كذلك فإن طبيعة المرحلة وما فيها من فراغ سياسي ودستوري , و مع الغياب القسري لأدنى ملامح وسمات الدولة ، وفي ظل الفوضى المدمرة التي خطط لها الأمريكان و نجحوا إلى حد كبير في إيصال مصر إليها , ومع وصول التدهور لمستوى أن تكون بطولة في كرة القدم مشروعا قوميا , في ظل هذا كله بات مفروضا على الإخوان – كرواد للإصلاح - تحديات كبرى ، ومسؤوليات عظمى , عليهم أن يكونوا على استعداد لمواجهتها . و لعلي لا أبالغ إذا ادعيت أنه بقدر استعداد الإخوان – قيادة وأفرادا- لتحمل مسئوليتهم التاريخية التي تفرضها عليهم فرضاً طبيعة المرحلة , بقدر ما يمكن أن نتفاءل بإمكانية عبور هذا النفق المظلم , ومن هنا تأتي أهمية الحديث عن التحديات التي تواجه جماعة الإخوان المسلمين .
هناك الكثير من التحديات التي تواجه الجماعة في المرحلة الراهنة على الصعيدين المحلي و الدولي , وسوف أقتصر في هذه المعالجة السريعة على التحديات ذات العلاقة ببنية الجماعة الداخلية , و بممارسات أبنائها أنفسهم في مواجهة بعض هذه التحديات , وهذه بلا شك أخطر وأعظم من التحديات التي تواجه الجماعة من خارجها , بل نستطيع تسميتها جهاد الإخوان الأعظم في هذه المرحلة , فالمسؤولية عظيمة , وإصلاح شأن أمة ليس بالأمر الهين , وهنا تحضرني كلمات المؤسس والمرشد الأول الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله حيث يقول ( أيها الشباب .. ميدانكم الأول أنفسكم , فإن انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر , وإن أخفقتم في جهادها فأنتم عما سواها أعجز , فجربوا الجهاد معها أولا ) . ولعل موضوعي المرأة والأقباط خير مثلين على التحديات ذات الصلة المباشرة بممارسات أبناء الجماعة أنفسهم , وعلاج ومواجهة هذين الملفين يجب أن يبدأ بعلاج هذه الممارسات , وهذا هو موضوع الحلقتين الثانية والثالثة من هذه المعالجة السريعة.
يأتي في مقدمة هذه التحديات و لعله يكون أخطرها على الإطلاق : أن الجماعة قد حققت انتشارا واسعا غير مسبوق على جميع الأصعدة , وأصبحت ذات قبول واسع لدى قطاعات كبيرة من الناس لم تكن تحظى به من قبل , باختصار شديد نستطيع أن نُقِّر أن الجماعة قد اكتسبت شرعية جماهيرية تفتقدها غالبية – إن لم يكن كل- الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة.
هذه الشرعية الجماهيرية تفرض على الإخوان بعض التغيير في اللغة التي يخاطبون بها هذه الجماهير , وعلى الإخوان أن يدركوا أنهم بالفعل دخلوا مرحلة جديدة من مراحل التطور في العمل السياسي , وعليهم أن يدركوا كذلك أن لكل مرحلة برامجها وخصائصها وصفات تلازم خطابها ، فخطاب العاطفة وحشد الجماهير وتعبئتها لمساندة المشروع الإصلاحي الذي ينطلق من أرضية إسلامية تلقى قبولا عاما لدى العوام , ومن ثم انتقاء العناصر المستعدة لتحمل المسؤولية وإعدادها تربويا و فكريا لذلك , كل هذا يصطدم – عمليا – بخطاب الحقائق والأرقام وما يحياه الناس من واقع هم في أشد الحاجة لتغييره , وهو ما يعرض مصداقية الخطاب الإخواني لاختبار شديد . وأزعم أن الجماعة تحتاج إلى وقت , وإلى كثير من المراجعات , و تحتاج كذلك إلى جهد مضني كي تعبر هذا الظرف بأمان ، وأزعم كذلك أن هذه المرحلة تتطلب – أكثر من أي وقت مضى- تكاتفا في الجهود , ولُحمة بين الأفراد و القيادة , يلازم هذا كله ويرافقه الكثير من الصبر والتضحيات التي يجب أن تكون الجماعة – قيادة وأفراداً- على استعداد لتقديمها.
هذه الشرعية الجماهيرية تفرض على الإخوان - جبراً لا اختياراً- تقليص مساحة السرية التي كانت تحيط بكثير من الأعمال في المرحلة السابقة , وهي في نفس الوقت أعمال لا يمكن إيقافها أو إلغاؤها , وهذا بدوره سيعرض القائمين على هذه الأعمال للاعتقال والأذى , وذلك في ظل عناد الحكومة واستكبارها وإصرارها على محاربة الإخوان بكل الوسائل . و ما يزيد من صعوبة المسألة أنه لن يكون أمام الإخوان من سبيل في مواجهة هذا الأذى إلا الصبر عليه وتحمله وهو طريق طويل وشاق تحفه الأشواك والمكاره من كل جانب ويتطلب – كما أسلفنا- الكثير من الصبر والتضحيات.
من لوازم المرحلة و تبعات المسؤولية فيها كذلك أن الشفافية في الحركة باتت مفروضة على الإخوان فرض عين , وأصبحت قدَرا محتوما لا فكاك منه , وعلى الإخوان أن يتحملوا مسئوليتهم في هذا وهم يقدمون للناس – كل الناس- نموذجا للحكم الإسلامي الرشيد , والمقصود هنا أن هذه المرحلة تستلزم التفريق بين ما هو عقدي فكري , وما هو مهني حياتي يتصل بحياة الناس ومعيشتهم , سيرا على مبدأ ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) فهذا الجانب ينبغي أن تُغَلَّب فيه الخبرة على الثقة , وعلى الإخوان أن يقدموا للناس من أنفسهم المثل والقدوة , وذلك بتقديم ذي الخبرة حتى ولو كان من غير المسلمين , على ذي الثقة حتى ولو كان من الإخوان المسلمين , وهناك الكثير من الأنشطة والفعاليات التي يمكن للإخوان أن يخوضوا فيها هذه التجربة في هذه المرحلة , فالمدارس والمستوصفات والمستشفيات , و كذلك النقابات المهنية , كل هذا يمكن أن يكون تربة خصبة لإنضاج وصقل هذه التجربة . ما أحب أن أؤكده هنا أن على الإخوان أن يحذروا كل الحذر من الوقوع فيما يلومون أنظمة الحكم الشمولية على الوقوع فيه , و التي لم تجلب لشعوبها إلا الخراب والدمار والتخلف والجهل , والتي لم يكتو بنارها أحد مثل الإخوان المسلمين .
فيما له علاقة بهذا الموضوع أظن أن الجماعة قد وصلت إلى مرحلة من القوة والمنعة والاستقرار في بنائها الداخلي بما يجعلني أتصور أنه قد آن الأوان لكي نقرأ هذه الكلمات : المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين . أعلم أني بهذا ألج منطقة شائكة يصعب على كثير من الإخوان مجرد قبول الخوض فيها أو حتى مناقشتها لاعتبارات كثيرة , لعل من أهمها : هذه الطفرة الهائلة التي تعيشها الجماعة - على جميع الأصعدة – في ظل قيادة المرشد الحالي الأستاذ / محمد مهدي عاكف – حفظه الله , وهم معذورون في هذا كل العذر , فالرجل –و بحق- يتحمل المسؤولية بقوة تذكرنا بأسلافنا العظام من القادة والعلماء الذين لا يخافون في الله لومة لائم , و لكني أعود فأذكر بما بدأت به بأن على الإخوان أن يتحملوا مسئوليتهم التاريخية في هذا الظرف الحرج , وعليهم أن يقدموا للناس من أنفسهم المثل والقدوة , وإلا فلا معنى لمطالبتنا للحكام الذين يجثمون على صدورنا حتى يتوفاهم ملك الموت , لا معنى لمطالبتنا لهم بأن يتركوا كراسي الحكم , وهم على الدوام لديهم المنطق والحجة ( ما أريكم إلا ما أرى و ما أهديكم إلا سبيل الرشاد ).
ولا يفوتني هنا أن أؤكد أنني على يقين بأن المسألة ليست بالهينة ولا البسيطة وأن هناك عوائق وموانع كثيرة تحول دون حدوثها , ولكن يجب أن نقر في الوقت نفسه أن صياغة الحاضر وفق طموحاتنا وآمالنا ليس بالأمر الهين ولا البسيط كذلك.ء
......................................................
المقال على ( المصريون ) الإلكترونية*