بقلم: الأستاذ فهمي هويدى
لم أفهم اللغط المثار حول موقف الإخوان من الاعتراف بإسرائيل في حالة توليهم للسلطة في مصر. إذ إستغربت ما نسب إلى بعض القيادات الإخوانية في هذا الصدد، إذا ثبتت صحته. كما إستغربت الاهتمام الإعلامي بالموضوع، وكأن السؤال شاغل للناس في داخل مصر وخارجها، وكأن الإخوان بصدد حلف اليمين وإستلام السلطة، وبات مطلوباً منهم أن يحددوا أمام الجتمع الدولي السياسة الخارجية لحكومتهم. خصوصاً موقفها من الاعتراف بإسرائيل ومدى الالتزام بالاتفاقيات المعقودة معها.
ربما أفهم أن يثار هذا الجدل مع قادة حركة حماس في فلسطين، لأنهم في السلطة فعلاً – أو يفترض ذلك – ولأنهم على إحتكاك يومي مع الإسرائليين، سواء بأمر الجغرافيا أو بسبب الاتفاقات الجائرة التي جعلت مصير الاقتصاد الفلسطيني، بما في ذلك الكهرباء والماء والغاز، في يد الإسرائليين. لكن الإخوان في مصر وضعهم مختلف تماماً، إذ يبدو الآن أن أبواب المستقبل السياسي تغلق في وجوههم باباً وراء باب. وإذا كان بعضهم قد دخل إلى مجلس الشعب في إنتخابات عام 2005، فأغلب الظن أنه في ظل الخرائط الراهنة لن يتكرر هذا الظرف مرة أخرى في الأجل المنظور على الأقل. وقد أعلنها رئيس الوزراء ذات مرة صراحة، حين قال أن ما جرى كان "خطأ لن يتكرر" وهو المعنى الذي أكده أحد أركان لجنة السياسات حين أعلن في إحدى الندوات أن شعار "الإسلام هو الحل" لن يرفع مرة أخرى، وقد رأينا تطبيقاً وتصديقاً لهذا الكلام في إنتخابات مجلس الشورى، والتطبيق مستمر حتى إنتخابات إتحادات طلاب الجامعات.
صحيح أن الخرائط السياسية الراهنة ليست أبدية، ولا هي قدر مكتوب، لكن ما أردت التنبيه إليه أن مسألة وصول الإخوان إلى السلطة تطرح إحتمالاً بعيداً للغاية في ظل الأوضاع الراهنة سواء كانت داخلية أو إقليمية ودولية. وبالمناسبة فإن الإخوان إذا لم يلتقطوا الإشارات القادمة من الجهات الأربع للكرة الأرضية التي ليست على إستعداد للقبول بذلك الاحتمال في أي مكان، خصوصاً في مصر، فمعنى ذلك أن ثمه ذهولاً عن الواقع وخطأ في القراءة والحسابات السياسية، والحصار الدولي لحماس ليس بحاجة إلى بيان، وإقصاء حزب العدالة والتنمية المغربي من الحكومة في الإسبوع الماضي لا يزال خبراً طرياً لم يجف مداده بعد، رغم أن الحركة كانت الأولى في عدد المصوتين لها والثانية في ترتيب الفائزين بمقاعد المجلس النيابي.
أفهم أن يسعى الإخوان إلى المشاركة في العمل وفي المؤسسات المنتخبة، وأن ينشغلوا في المرحلة الراهنة بالتوافق مع مختلف القوى الوطنية لإنقاذ سفينة مصر التي توشك على الغرق، وأعتبر أن الخوض في برنامج المستقبل بعد تولي الجماعة للسلطة، هو قفزة في المجهول وحديث عن مستقبل غير منظور، مفتوح على إحتمالات لا أول لها ولا أخر.
أدرى أن ما قيل في شأن الاعتراف بإسرائيل من عدمه ليس رأي الجماعة، ولكنه رؤية بعض القيادات في الجماعة، وبالمناسبة فإنني لا أخفي دهشة من تصريحات أخوانية أخرى بعضها أضر ولم ينفع، وأفسد بأكثر مما أصلح، وبعضها كان افتتاناً بأضواء الإعلام أو إفتاء بغير علم، لكنني أدعو الجميع إلى التحلي بالرصانة والمسئولية فيما يخوضون فيه أو يستدرجون إليه، وأنبههم إلى التواضع فيما يتطلعون إليه، وتحسس الأقدام جيداً فيما هم مقدمون عليه، وإذا كانت لديهم مشكلة في الإنخراط ضمن الخرائط السياسية للحاضر، فهذه لا تحل بمشكلة أكبر تتمثل في المغامرة بالقفز في المستقبل البعيد والمجهول.
إننا نعلم أن الأحكام الشرعية تتغير بتغير الأمكنة والأزمنة والأحوال، وهو ما ينطبق بدرجة أكبر على الأجتهادات السياسية، ولذلك تمنيت أن تترك أسئلة المستقبل البعيد في خطاب الإخوان لحسابات تلك الأزمنة، خصوصاً أن بعضها لم يهتم بإعتراف السلطة بالإخوان، ولكن إهتمامه أكبر بإعتراف إسرائيل، الأمر الذي يضعنا في مواجهة موقف عبثي يطالب جماعة محظورة بالإعتراف بدولة نووية، لا أحد يعرف ما هي حدودها بالضبط، لا اليوم ولا غداً، ناهيك عن أننا لسنا واثقين من أن إسرائيل ذاتها ستظل موجودة على أرض فلسطين أم لا، حين يتولى الإخوان السلطة في مصر!!ء
نقلا عن الشرق الأوسط
هناك ٩ تعليقات:
جزاكم الله خيرا م خالد على المقال
والذي أحب أن أقول ان الدكتور عصام نزل مقال في كل مكان عن ان الاخوان المسلمين هم العدو الاول للصهاينه تاريخيا
جزيتم خيرا
وانا بعثت لحضرتك ايميل ارجو يكون وصل
ومنتظر راي حضرتك في الموضوع الأخير
الله المستعان
ليس محظورا عن جماعة محظورة أن تتكلم عن التمكين
ولنتذكر كلام النبي صلى الله عليه وسلم عن الفتوحات يوم هم محاصرون يوم الخندق
ولكن بثوابت لم تتغير لا يوم الأحزاب ولا يوم فتحها أصحابه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ورضي عن صحابته
ولكن فعلا هذه العبارة محورية جدا
الخرائط السياسية الراهنة ليست أبدية
مشكلة الكلام قبل الهنا بكام سنة (الله أعلم
أنه أولا تفتح قضايا ليس وقتها وربما يدخل فيها المداراة وتأتي أجيال تأخذ الأمور بظاهرها ويظنوا أن هذا هو الحق وهذه هي المباديء
وثانيا أن تخرج الآراء غير مستوية لأنها خرجت بضغط ظرف وقتي
ألا ترى معي أنه في حال قيام دولة إسلامية وكان الحاكم يريد أن يتخذ قرارا سياسيا في ضوء معطيات موجودة وقتها أنه سوف يعجزه الاستعانة بالخبراء المسلمين للخروج بقرار يخدم المصالح والمفاسد الموجودة وقتها
بدلا من أن نخرج بإجابات عن تفاصيل لا نحتاجها الآن بل تمشي في إطار هل تعترفون بإسرائيل الآن؟؟؟
أو مثلا
ما رأيكم في إمامة المرأة
فتجيب في حالة تسلم الحكم كذا كذا
يقولك طيب الآن لماذا لا يتسلم منصب المرشد العام امرأة وهكذا
فعلا الراجل عنده حق
هما الاخوان هيمسكوا الحكم بكره علشان يعلنوا موقفهم من الاعتراف بست البنات؟
إبن الغالي .. دكتور حر
و جزاك أخي الحبيب مثله
القضية الهامة التي أثارها الأستاذ هويدي ليست مناقشة مسألة الإعتراف بإسرائيل من عدمه فهذه مسألة محسومة لدى الإخوان كقيادة وأفراد كذلك , ولكن الخوض في المجهول يكلف الجماعة ما لاتطيق وهذا مربط الفرس في مقال الأستاذ هويدي وأحيلك لرد الحبيب / عصفور المدينة
الحبيب عصفور المدينة
جزاكم الله كل خير على هذه الإضافة القيمة و خاصة الإشارة إلى حديث الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم عن الفتوحات وهو في أحلك اللحظات فهذه يجب أن تكون حال المسلم دائما الثقة في نصر الله وتمكينه للمؤمنين .. نسأل الله أن نكون منهم
على الدوام أخي الحبيب تغريدك يسعدني
عازف الناي
جميل ومعبر جدا تعبير .. ست البنات
بصراحة أنا معك تماما ولذلك لم أمهل نفسي لحظة بعد قراءة المقال و قمت بتنزيله في المدونة فورا
أشكرك لحسن المتابعة أخي الكريم
خالص تحياتي
أخى وطنى
أنا مع أخى عصفور فى ما ذكر
ولابد لنا أننعلم ان الله سبحانه و تعالى له مقاييس اخرى تماما غير مقاييس البشر
فلله سنة فى الأرض
فقد قال
إن مع العسر يسرا
فبالمنظور البشرى أن الموضوع قد انتهى وان الإخوان قد إنتهوا
ولكن من يدرى لعل نصره قريب
من ينتظر طلوع الفجر عليه ألا يقيس الوقت بشدة الظلام
فكلما إقترب الفجر إشتد الظلام وإنما عليه أن يوقن بأنه قادم
أما عن موضوع الإعتراف بإسرائيل هذا
فذلك كما قال الأستاذ فهمى
أحياا بعض الأشخاص يصرحون تصريات ضررها أكثر من النفع
ولو حضرتك قرأت المقال اللى كتبته إيمان عبد المنعم فى جريدة الدستور الأسبوعية يوم الأربعاء اللى فات تتأكد من كلامى
شوف الدكتور عبد المنعم بيقول ايه عن تولى الأقباط الحكم
السلام عليكم
مؤمن .. زادك الله إيمانا .. اللهم آمين
أوحشتنا يا رجل يا طيب واشتقنا لك كثيرا
جزاكم الله خيرا على المرور الكريم وإثراء الموضوع .. و انا كما قلت متفق معكما أنت والعصفور وأدعو الله عز وجل أن يقي الجماعة شر الفتن ما ظهر منها وما بطن , قولوا آمين .. فالحقيقة أنا أشعر بأسى شديد لما يحدث ونسأل الله العفو والعافية..
إسمح لي أخي الحبيب أن أعقب على ما يثار حول موضوع الأقباط والحكم ( وسيكون له معالجة منفصلة قريبا بإذن الله هنا )أكثر شيء يضايقني ويحرق دمي هو قول البعض عن بعض الأحكام انها كانت في سياق تاريخي وانتهى .. فهذه كارثة خاصة اننا نتحدث عن دين وعقيدة وأحكام شرعية لذا فأتصور أن هذا الكلام لا يجوز بحال .. أما أن يقول البعض ( ومنهم د.عبد المنعم )أن الولاية المنهي عن تولي غير المسلم لها لاتشمل رئاسة الجمهورية على اعتبار أنها ليست ولاية عامة فهذا إختيار لإجتهاد فقهي في تطبيق الحكم اتصور أنه جدل محمود ومطلوب و اعتقد أن الفرق بين الحالتين كبير
و حتى نتناول الموضوع بالتفصيل أسألك الدعاء
و مرة أخري أشكرك للزيارة وإثراء الموضوع وإلى لقاء
خالص تحياتي
أستاذي الغالي
معك تماما وأفهم ما قصد المقال لكن فقط أردت الاكمال للصوره لمن لا يعرف
ودمتم بخير
إرسال تعليق