كيف نغضب لرسول الله ؟؟؟

لنغضب .. ولنرد .. ولكن كيف ؟؟؟

تقاطر السم الزعاف من بين ثنايا بابا روما ( الإمبراطور بينديكيت السادس عشر) , و ردد ما ردده كثيرون من أسلافه من إساءة للإسلام وللرسول صلى الله عليه وسلم على مر العصور , وبقي الإسلام شامخا عزيزا , يقبل عليه الناس كل يوم , و ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم متبوئا نفس المكانة التي تبوأها في قلوب المسلمين , وسيظل الأمر كذلك – بإذن الله - إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولعل هذا يكون السبب الحقيقي لظهور الحقد بهذا المستوى , فكما يقولون .. على قدر الألم يكون الصراخ .
ومخطئ من يفصل بين ما فعله بابا روما وما فعله بابا واشنطن , يوم إعلانه عن الحرب الصليبية , ويوم وصفه للمسلمين بالفاشيست , ويخطئ كذلك من يفصل بين ما فعله الاثنان و ما فعلته صحف الدانمارك والنرويج وفرنسا , فهذا كله يجب أن يوضع في سياق واحد , إنه الحقد الأسود والكراهية البغيضة للإسلام والمسلمين , إنه المقدمة الطبيعية للمشروع الصهيوأمريكي , الذي يعلم قادته ومنظروه أن الإسلام – وفي ذروة السنام منه الجهاد - هو العقبة الكأداء في طريقهم لتنفيذه.
هذا هو السياق الطبيعي لما حدث , و أي محاولة لإخراج ما حدث عن هذا السياق هي محاولة لخداع المسلمين وتضليلهم ووضع الغشاوة على عيونهم كي لا يعرفوا العدو من الصديق , وكي لا يميزوا الحق من الباطل , كذلك فقد فات على كثير ممن ردوا على البابا من العلماء والدعاة أن اتهام البابا بالجهل بالإسلام هو في حد ذاته التماسٌ للعذر له!!! و ما أظن أن واحدا منهم قصد لهذا , فالرجل ليس جاهلا بالإسلام ولا برسوله صلى الله عليه وسلم , بل لعله يكون أعلم بهذا من كثير ممن يعتلون المنابر !!! , فليس جاهلا بالإسلام أبدا من يصب جام غضبه على الجهاد - فريضة الإسلام الغائبة- من دون باقي فرائض وشعائر الإسلام , فالرجل يعلم علم اليقين أن الجهاد في الإسلام هو مصدر العزة و المنعة , و الرجل وأمثاله لم ينسوا ولن ينسوا أن تلك الفريضة العظيمة هي المدرسة التي تخرج فيها صلاح الدين الأيوبي قاهر أجداده من الصليبيين الأوائل , وهي نفس المدرسة التي سيتخرج منها قاهر الصليبيين الأواخر بإذن الله .
و لا يفوتني هنا أن أُذَكِّر بأن أحبار اليهود قديما قالوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما قال حبر النصارى الأعظم مؤخرا , ولم يكن هذا عن جهل منهم بالإسلام ولا برسوله , إنما عن حقد وضغينة ( الذين ءاتينهم الكتب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ) صدق الله العظيم . ولو جاز وصف أحبار اليهود بالجهل قديما – وهو ما نفاه القرآن- لجاز وصف حبر النصارى الأعظم بذلك مؤخرا.

كذلك لا بد من التنويه هنا على أن كثيرا من علماء الإسلام ودعاته قد أفرطوا في الحديث عن الإسلام دين المودة والرحمة والسلام , وذلك في معرض الدفاع عن الإسلام ضد من يتهمونه بالانتشار بحد السيف , ومن يقرأ هذه الدفوع يُخَيل إليه أن فريضة الجهاد قد نُسخت أحكامُها ولم يعد لها وجود , نعم إن الإسلام دين الرحمة والمودة والسلام , ولكنه كذلك دين العزة والقوة والرفعة و حرية العباد في أن يعبدوا رب العباد , وحين تُنتهك الحرمات و الأعراض وتُداس المقدسات , فإن الحديث عن الرحمة والمودة والسلام يصير عبثا لا معنى له و لا طائل من ورائه.
إبان أزمة الرسوم المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمنشورة في إحدى الصحف الدانمركية , ثار المسلمون في طول الأرض وعرضها , وغضبوا لنبيهم غضبة أذهلت أهل الكفر جميعا , وعلموا أن أمة محمد ليست في عداد الأموات كما كانوا يظنون , يومها قلت لنفسي : كيف لو استمر هذا الغضب ؟ واليوم أكرر نفس السؤال , كيف لو استمر هذا الغضب ؟ , فكما هو معروف فإن أخطر ما يمكن أن يحدث في مواجهة بين طرفين : أن يدرك أحدهما حدود إمكانات الطرف الآخر , وأعداؤنا يقيمون حساباتهم معنا على أننا سرعان ما ننسى , وقد آن الأوان لتتغير هذه النظرية , لذلك فعلى المسلمين أن يستمروا في هذا الغضب ولا يهدءوا , حتى يعلم هؤلاء الخبثاء أن غضبة المسلمين ليست فورة تزول مع الزمن , كذلك فإن هذا الغضب لا ينبغي أن يقف عند حدود المظاهرات والمؤتمرات , فهذا – على أهميته وخطورته – لا يكفي , وإنما يجب أن يتحول هذا الغضب إلى طاقة دافعة لإيقاظ الأمة من غفوتها.
إن ادعاءنا لحب الإسلام وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وغضبنا لما يصيبهما من أذى قول يحتاج لبرهان , و ليس أمامنا إلا برهان واحد على ذلك : هو رد الإساءة , وهنا يأتي السؤال ... كيف ؟؟؟
إن نهضة حضارية إسلامية شاملة لكل مناحي الحياة هي خير رد لهذه الإساءة , بل أستطيع الجزم بأنها الرد الوحيد المُرضي لله ولرسوله , وليعلم المخلصون من أبناء هذه الأمة أن هؤلاء الخبثاء لم يكونوا ليتجرءوا على الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم لولا حالة الضعف المذرية التي عليها الأمة , ولو علموا أن في هذه الأمة معتصما أو صلاح الدين ما خطر على بال أحدهم أن يتفوه بكلمة , كذلك لم يكونوا ليتجرءوا لولا رؤيتهم لنا ونحن عالة عليهم في كل شيء , ورحم الله إمام الغيورين على هذه الدعوة شيخ الدعاة فضيلة الشيخ محمد الغزالي , الذي كان يكرر علينا دوما وفي غير كلل ولا ملل : لو قيل لكل شيء في بلاد المسلمين ارجع إلى بلادك .. لمشى المسلمون حفاة عراة !!! , لذلك فإن مسؤولية رجال المال والأعمال المسلمين عظيمة أمام الله عز وجل وأمام رسوله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة , لو لم يفعلوا ما بوسعهم ويؤدوا دورهم المنوط بهم في هذه النهضة ولو لم يصطفوا مع إخوانهم في هذه المعركة.
يوم تَنادَى المخلصون من أبناء أمة محمد بمقاطعة البضائع الدانمركية ردا على إساءتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم , همس في أذني أحد الأطباء قائلا : إننا لا نستطيع مقاطعة الأنسولين الدانمركي لأن الدانمارك هي المنتج الرئيس لهذا الدواء , تملكتني الحسرة وقلت في نفسي : إن مصنعا لإنتاج هذا الدواء لهو أرضى لله و لرسوله ألف مرة من هذه المسيرات والمظاهرات التي عمت الكرة الأرضية في هذا الوقت .
إن النهضة المنشودة ميدان متسع للجهاد يشمل الجميع , الرجال والنساء والشباب والشيوخ , لكلٍ دوره ومسئوليته التي يجب عليه أن يؤديها , وإذا كنت قد خصصت رجال المال والأعمال بالذكر , فإن هذا ليس معناه أن ينفض الباقون أيديهم , فالمال يلزمه علماء وباحثون ودارسون كي يؤدي دوره , فعلى الباحثين في الصيدلة أن يعتكفوا-طاعة لله- في مختبراتهم , وعلى المهندسين –كلٌ في موقعه- أن يشمروا عن سواعد الجد ويبرهنوا على حبهم للإسلام ولرسوله بكفاية المسلمين بما يحتاجونه كي لا نمد أيدينا لأعدائنا , وعلى رجال الفكر والأدب والفنون أن يقوموا بدورهم في تثقيف شباب الأمة وتحصينه ضد موجات التغريب والانحلال التي تضرب مستقبل الأمة في مقتل , وهكذا .. على الجميع أن يعي دوره ومسؤولياته , وليستشعر كلٌ منا أنه على ثغر من ثغور الإسلام , فليحذر أن يُؤْتَى الإسلام من قِبَله.
وأخيرا أتوجه بالحديث إلي شباب الصحوة الإسلامية , إن دوركم عظيم في هذه النهضة , ومسئوليتكم أمام الله أعظم من غيركم , لذا فعليكم أن تكونوا في القلب من هذه المعركة , وأختم بكلمات صيغت بأحرف من نور , قالها العالم العابد و المجاهد الزاهد الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله رحمة واسعة , حيث يقول : إن الحركة الإسلامية أنجبت للبشرية كثيرا ممن أجادوا فن الموت ,
ولكن البشرية اليوم هي أحوج ما يكون لمن يجيدون فن الحياة
.

هناك ٩ تعليقات:

غير معرف يقول...

أخى الكريم : وطنى
بارك الله فيك وأعزك

ابو العربى يقول...

جزاك الله خير اخى الكريم
من الاساس الشعوب والبسطاء فى بلدنا لا ياكلون المنتجات دى لابد من الضغط على الحكومات لتقاطع هذه البلاد

وتقبل تحياتى

عصفور المدينة يقول...

إن مصنعا لإنتاج هذا الدواء لهو أرضى لله و لرسوله ألف مرة من هذه المسيرات والمظاهرات التي عمت الكرة الأرضية في هذا الوقت .

بل ربما أيضا أن مصنعا لصناعة مسحوق الغسيل أرضى لله من كل هذا الصياح

صيد الخاطر يقول...

الله يفتح عليك يابشمهندس
والله مقال رائع

صدقت والله مصنعا لهذا ارضى لله تبارك وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم من هذه المظاهرات

وف يجميع المجالات

بودي والله ان تختزن طاقات المظاهرات
لتتحول الى دافع قوي في العمل والانتاج


لكن يبقى من يجول بيننا وبين ما نريد

مشروع انسان يقول...

لا حول ولا قوة الا بالله
مقال كتبته عن احداث قديمة
ويوائم احداث جارية
وهل ترى سيبقى لكى يوافق احداث مستقبلية

هكذا عندما يهون اهل الحق
وعندما يفرطون فى اسباب عزهم

يصبحوا مطية لكل سباب بذى حاقد

هذا ما صنعناه بانفسنا
ولن يتغير الا بتغيرنا

محمود المصرى يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم

بارك الله فيك اخى نحن فعلا بحاجة الى ان نبنى حضارتنا ونجتهد فى ذلك , حتى نقدر ان نخرس السنة امثال الدانمارك وبابا الفاتيكان وغيرهم .
بالنسبة لموضوع الانسولين اخى هناك عدة شركات تنتج الانسولين غير شركة نوفونوردسك الدانماركية فهناك شركة ايلاى ليلى الامريكية وهناك مجموعة الشركات الالمانية افينتس وفى مصر توجد شركة سيديكو والشركة المصرية للقاحات والامصال فاكسيرا .
لكن نحن بحاجة اولا لتطوير البحث العلمى حتى نقدر ان نصنع كل ما نحتاجه من دواء فى بلادنا ولا نعتمد لا على رخص انتاج ولا على استيراد دواء .

محمد عبد الرحمن يقول...

وضعت يدك أستاذى أعزك الله على الجرح وأقمت الحجة فى التشخيص الدقيق للداء
فمن لنا بمن يعمم هذه المبادرة ويضعها موضع التنفيذ فى المعامل والمصانع والمرافق كلها لنتخلص من حال التبعية أولا وصولا إلى أن نتبوأ مكانة مهابة بين الأمم تتناسب مع جلال الرسالة التى نتشرف بالإنتساب إليها وهول المسؤلية الملقاة على عواتقنا

فرنسا هانم يقول...

صحيح اذا اردت ان تقاطع
فيجب ان تعتمد على نفسك اولا
زى ما قال المثل
لا تعطينى ثمره
بل علمنى كيف ازرع شجره
والان
حان وقت زراعه الشجره

غير معرف يقول...

الجهاد هو الحل
القتال فى سبيل الله