ذكريات وطنية !!! ...3

.


!!! حمبلوووظ

بدأنا نتأقلم مع الوضع و نوطن أنفسنا على الحياة الجديدة . كان الطعام المصروف لنا من إدارة السجن ( الجراية) لا يصلح حتى للحيوانات , في الصباح كان يأتينا الإفطار عبارة عن كتل من الجير المطفي يسمونها(خطئا) جبنا وفي اليوم التالي ما كان يسمونه عسلا أسودا ولم يكن فيه من العسل الأسود إلا حموضته و اليوم الثالث كان الإفطار عبارة عن سوس مفول كما كنا نسميه , ثم بعد ذلك حدث ولا حرج عما كان يأتينا في الغذاء , و أذكر أننا لما إنتقلنا لسجن أبي زعبل قام أحد الإخوان بعمل مسابقة بين أفراد الزنزانة لتسمية ما كان الحراس يوزعونه علينا في الغذاء وكان عبارة عن أقراص قطر الواحد منها حوالي سبعة سنتيمترات , وكان الإسم الفائز (حمبلوظ) وصار بعد ذلك هو الإسم الرسمي بيننا لما كان يسميه الحراس (كوسة)!!!.ء
العجيب أن أحدا منا لم يصب بسوء رغم ما كنا نأكله ... سبحان الله , و مع هذا السوء كانت الكميات قليلة جدا و أذكر اننا – ونحن ما زلنا حتى الآن في إستقبال طرة – كان معنا أخ فاضل يعمل أستاذا مساعدا في كلية العلوم أو الطب لا أذكر إسمه عاصم , وكان الدكتور عاصم هذا هو الذي يستلم الطعام لنا و كان بمجرد إستلامه للطعام يجمعنا ويضع يده على (الأروانة) و نضع يدنا على يده ثم نقرأ جميعا سورة ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف......) السورة ثم نأكل ونحمد الله على ( النعمة ) ولا أذكر اننا قابلنا مشكلة في موضوع الطعام باستثناء مرتين أو ثلاث كان الأكل لا يكفينا , هذا برغم منع الزيارات عنا في هذا السجن فقد جلست فيه ما يقرب من الشهرين لم يزرنا فيه أحد , و هناك حادثة أهديها للباحثين عن أسباب تطرف الشباب في هذا البلد وقد عشتها بكامل تفاصيلها ... ذات يوم قطعت عنا المياه لمدة أربعة أيام , وكان يتم توزيع مياه الشرب علينا و أذكر أن نصيب الفرد في زنزانتي من المياه كان كوبا واحدا فقط في اليوم وكنا نحاول تدبير جزء من هذا الكوب بقدر الإمكان لكبار السن وفي اليوم الثالث لقطع المياه سمعنا طرقا شديدا على باب إحدى الزنازين وأحد المعتقلين يصرخ : عايزين ميااااااة وكان لديهم أحد المرضى المصابين بالكلى , إستمر الطرق فترة فرد عليه الضابط الموجود بعجرفة قائلا : برضه مش هاجيبلك !!! فرد عليه الأخ بقوة هزتنا جميعا من الأعماق : ربنا كبييييييير فرد عليه هذا المجرم بوقاحة : ماكانش جابك هنا يا .... وسبه بأفظع الشتائم وأترك التعليق للقاريء الكريم وللذين يتغنون بالإنتماء و الوطنية.ء
كانت التحقيقات – كما أسلفنا – تبدأ بعد صلاة العشاء , و ذات ليلة سمعت الصوت الجهوري الذي ينادي على المعتقلين ينادي : خالد حفني , فرددت : نعم لأنني معتاد على مناداة إسمي بهذا الشكل كثيرا نظرا لعدم انتشار اسم ( حفظي ) , أجابني المنادي : تحقيق , وهذا التحقيق كان بالنسبة للواحد منا يعني الدخول في جهنم , و بينما أهم بالخروج من الزنزانة مع الحارس .. جال في خاطري – من حلاوة الروح – أن أتأكد من الإسم فسألت الضابط : إنتو عايزين خالد حفظي ولا خالد حفني فرد : لا .. عايزين خالد علي حفني , فعدت أدراجي مرة أخرى , وبعد خروجنا من المعتقل كنت أتابع سير قضية تنظيم الجهاد على صفحات الجرائد فقرأت من الأحكام : خالد علي حفني - 6 سنوات – فقلت في نفسي : الحمد لله الذي عافانا من هذه العلقة.ء
كانت التحقيقات – رغم دمويتها و فظاعتها - لا تخلو من الطرائف التي كنا نتندر بها فنضحك حتى يعلو صوتنا بشكل كان يستفز الحراس و يكاد يصيبهم بالجنون وكثيرا ما نلنا السباب و الشتائم بسبب هذا الضحك , و كان الواحد منهم يرى ما يلحق بنا من سوء و تعذيب ثم يسمعنا نضحك فيسأل بغضب وحنق : بتضحكوا على إيه يا ولاد الـ.....ء

و نكمل الذكريات في لقاء قادم بإذن الله



وطــــــــــــــــني

هناك ٢١ تعليقًا:

Monzer يقول...

آسف على التحليق خارج السرب
ولكن إيماننا بدفاعكم عن مبدا الحرية
ندعوكم للتضامن مع المدون عمر الشرقاوى المعتقل حاليا فى قسم طلخا

إثر قيامه بتغطية انتخابات مجلس الشورى
وجزاكم الله خيرا

غير معرف يقول...

6 سنوات؟..الرقم صحيح؟
خالد علي حفني كان 6 سنوات؟!

غير معرف يقول...

على فكره انا عازمك النهارده على صينية حمبلوظ بالباشاميل ,ولا تلاقيك حرمت تاكله ههههههههههههه.

خالد حفظي يقول...

إلى أخي حباسة ( آسف إن كان الإسم خطأ)
لا خارج السرب ولا يحزنزن يا أخي كلنا محبوسون في قفص كبير إسنه مصر ؟ ثم إنت زعلان ليه ؟ تلاقيهم عازمينه على واحد حمبلوووظ

خالد حفظي يقول...

الى اخي ارحم دماغك
هل انت مستنكر الرقم ام المعلومة ؟
الرقم صحيح لاني قراته في أحكام القضية فقط ألفت النظر لشيئين
أولا التشابه في الاسماء وارد
ثانيا : انا لا أعلم إن كان الحكم طبق أو إستؤنف وأخذ براءة

خالد حفظي يقول...

إلى الأمل المنشود
موافق بشرط ان يكون الطعم والنكهة كما كانت في أبو زعبل !!! ها قلت إيه؟

جهاد خالد يقول...

الوالد العزيز وطني
لك عندي تاج
الرجاء استلامه من مدونتي

غير معرف يقول...

الأخ والأستاذ/ خالد حفظى
سعدت بك وبمدونتك الرائعة
أخيكم محمد السيسى

خالد حفظي يقول...

المكرم الفاضل الاستاذ محمد السيسي
أهلا وسهلا بك ضيفا كريما على مدونتنا المتواضعة أشكرك على الزيارة وإطرائك عليها و أرجو دوام التواصل

خالد حفظي يقول...

بنيتي الصامدة
تاج إيه ؟
انا لا أعرف كيف أرتدي هذا التاج
أظنه تاج الجزيرة ... السلطانية ؟؟؟

Alaa يقول...

السلام عليكم و رحمة الله
هذه أول زيارة لمدونتك
ربنا يتقبل منك و يجعل هذا السجن في ميزان حسناتك كما هو وسام شرف في دنياك تفتخر أنك من الذين قالوا للظالمين لا و ذاقوا ألمها
بارك الله فيك و حفظك و ثبتك و أدخلك الجنة ان شاء الله

خالد حفظي يقول...

أخي علاء
أهلا وسهلا بك في زيارتك الاولى وأرجو ألا تكون الأخيرة
اللهم آآآمييييييييييييييي

مشروع انسان يقول...

ما شاء الله ربنا يكرمك ذكريات مشرفة ومستنين نكمل الباقى جزيت خيرا

خالد حفظي يقول...

أخي إمام الجيل
شرفتني بزيارتك الأولى وأرجو المداومة
الذكريات جاري إكمالها
اللهم آآآآمييييييييييييييييييين

خالد حفظي يقول...

فارس إبن مصر البار
أحييك مرتين
الأولى : على إصرارك وصدقك في حب هذا البلد والأمل في التغيير
الثانية : على زيارتك الأولى لمدونتي أرجو دوام التواصل

صاحب البوابــة يقول...

تحياتي لهذا المقال الساخر الجميل

أتمنى أن يصلح الله عز وجل حال تلك البلاد

في أسرع وقت

---------

أتمنى ان تكون قد استلمت ايميلي

اشكرك عزيزي

خالد حفظي يقول...

صاحبي .. صاحب البوابة
نورت بيتك ومطرحك نورت وطني أهلا وسهلا بك مرة أخرى وحمدا لله على السلامة

عصفور المدينة يقول...

إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون

غير معرف يقول...

أخى الفاضل : خالد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييك على هذا المقال ، وهذا الأسلوب السلس

تقديرى واحترامى
أخوك
محمد

خالد حفظي يقول...

citybird2
صدق الله العظيم
صدقت والله.. فعلا خير الكلام ما قل ودل
تحياتي وشكرا للزيارة و في الإنتظار دائما

خالد حفظي يقول...

أخي الفاضل محمد الجرايحي
نورتني وزدتني شرفا بإطرائك
أرجو دوام التواصل
تحياتي لك
أخوكم / خالد
آسف
أخوكم / وطني