أضواء من بعيد .. بقلم سيد قطب

*عن الموت و الحياة
االأحبة الفضلاء
اصل هذا الكلمات رساله بعث بها سيد رحمه الله الى اخته امينه قطب. وكانت مجلة الفكر التونسية قد نشرته في عددها السادس من السنة الرابعة، آذار(مارس) 1959 م
بعنوان (اضواء من بعيد).ء
ما رأيكم لو سمونا معها إلى المعالي؟
و قد رأيت حتى تعم الفائدة و يكون هنالك تركيز أكثر أن أنشرها على عدة أجزاء
تعالوا جميعا لنسمو ..و نعلو ..و نرتقي.. إلى حيث كان ... سيدء
شهيد القرآن .. سيد قطب

ب بسم الله الرحمن الرحيم
( 1 )
اختي الحبيبة... هذه الخواطر مهداة اليك...ء
ان فكرة الموت ما تزال تخيل لك، فتتصورينه في كل مكان، ووراء كل شيء وتحسبينه قوة طاغية تظل الحياة والاحياء، وترين الحياة بجانبه ضئيلة واجفة مذعورة. ء
انني انظر اللحظه فلا أراه إلا قوة ضئيلة حسيرة بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة، وما يكاد يصنع شيئا إلا أن يلتقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات!... ء
مد الحياة الزاخر هو ذا يعج من حولي!...: كل شيء إلى نماء وتدفق وازدهار... الأمهات تحمل وتضع: الناس والحيوان سواء. الطيور والأسماك والحشرات تدفع بالبيض المتفتح عن احياء وحياة...الأرض تتفجر بالنبت المتفتح عن أزهار وثمار... السماء تتدفق بالمطر، والبحار تعج بالأمواج... كل شيء ينمو على هذه الأرض ويزداد!. ء
بين الحين والحين يندفع الموت فينهش نهشة ويمضي، أو يقبع حتى يلتقط بعض الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات!... والحياة ماضية في طريقها، حية متدفقة فوارة، لا تكاد تحس بالموت أو تراه !... ء
لقد تصرخ مرة من الألم، حين ينهش الموت من جسمها نهشة، ولكن الجرح سرعان ما يندمل،وصرخة الألم سرعان ما تستحيل مراحا... ويندفع الناس والحيوان، الطير والأسماك،الدود والحشرات،العشب والأشجار، تغمر وجه الأرض بالحياة والأحياء!... والموت قابع هنالك ينهش نهشة ويمضي... او يتسقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات!!. ء
الشمس تطلع،والشمس تغرب، والأرض من حولها تدور، والحياة تنبثق من هنا ومن هناك... كل شيء إلى نماء... نماء في العدد والنوع،نماء في الكم والكيف...لو كان الموت يصنع شيئا لوقف مد الحياة!...ولكنه قوة ضئيلة حسيرة، بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة...!. ء
من قوة الله الحي..: تنبثق الحياة وتنداح!!.. ء
( 2 )
عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي،وتنتهي بإنتهاء عمرنا المحدود!... ء
أما عندما نعيش لغيرنا،أي عندما نعيش لفكرة،فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الانسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض!...ء
إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة، نربحها حقيقة لا وهما، فتصور الحياة على هذا النحو، يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا.وليست الحياة بعد السنين، ولكنها بعداد المشاعر. وما يسميه "الواقعيون" في هذه الحالة "وهما"! هو في "الواقع"، "حقيقة" أصح من كل حقائقهم!... لأن الحياة ليست شيئا آخر غير شعور الإنسان بالحياة. جرد أي إنسان من الشعور بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي! ومتى أحس الإنسان شعورا مضاعفا بحياته،فقد عاش حياة مضاعفة فعلا... ء
يبدو لي أن المسألة من البداهة بحيث لا تحتاج إلى جدال!... ء
إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف احساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية
!.
ء
و إلى اللقاء .. إن كان في العمر بقية
...............................................................................
العناوين الفرعية من إختيار .. وطــــــــــني لذا لزم التنويه

هناك تعليقان (٢):

عصفور المدينة يقول...

ًصدق والله يا أخي إنها من البداهة بحيث لا تحتاج جدال لمن كان قلبه حيا ولم يتذرع بالواقعية الكاذبة الأنانية

خالد حفظي يقول...

عصفور المدينة
خالص التحية لهذه المتابعة النشطة