سجون الإخوان .. معاهد لإعداد الدعاة !!!ء
كانت أيام حلوة ... الله لا يعودها !.... هكذا كان وصف أستاذنا محمد حسين – بخفة ظله المعهودة - لذكريات
المعتقل , ومن قبله بمئات السنين , قالها شيخ الإسلام بن تيمية رضي الله عنه : إن سجني خلوة , و نفيي سياحة , وقتلي شهادة , هكذا الداعية المخلص لربه ولدينه و أمته .. إنه الفائز دائما , ذلك أن ميزان الفوز والخسران عند الدعاة هو رضى الله عز وجل عنهم , وتقبُّلِه سبحانه و تعالى لجهادهم في سبيله , أما النتائج فمن فضله سبحانه أنه لا يحاسبهم عليها , و هذا منطق لا يفهمه الطغاة , إنما يفهمه أصحاب الدعوات وحدهم.
مع تصاعد حملة الإعتقالات الشرسة التي يخوضها النظام ضد شباب وقادة الإخوان , وجدتني أعود بالذاكرة إلى الوراء ربع قرن من الزمان .. إلى خريف العام 1981م , حيث إختار السادات أن يختم حياته بصدام مع كل ألوان الطيف السياسي آنذاك , من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار, فيما سُمِّي وقتها بأيلول الأسود .. الطبعة المصرية !!. عادت بي الذاكرة إلى هذه الأيام وتذكرت كيف جمعتنا تلك الإعتقالات نحن شباب الجامعات- آنذاك - مع قادة وشيوخ الدعوة في هذا الوقت , فيما كنا نعده معسكرا طويلا على حساب الدولة , كما كان يحلو لكثير من الإخوان تسميته , و قد شاءت إرادة الله أن تجتمع في هذا ( المعسكر ) أجيال عدة , لتتم عملية توريث الدعوة بصفائها وبهائها للأجيال الشابة بشكل لا يستطيع الإخوان أنفسهم التخطيط له أوتنفيذه لو أرادوا , ولا عجب فتلك دعوة الله يدبر لها كيف يشاء سبحانه وتعالى , وقد يعجب القاريء الكريم أشد العجب إذا علم أن هذا – أي التوريث- كان الهدف الإستراتيجي الأول للأستاذ التلمساني رحمه الله بعد خروجه من المعتقل في بداية السبعينيات من القرن الماضي , ولذا كان أحد ظرفاء الإخوان كثير الدعابة معي قائلا : والله السادات ده جزاه الله خير.. عمل للدعوة معسكر مجاني.
و للقاريء الكريم أن يتخيل ما يمكن أن تُحْدِثه مرافقة شاب مثلي في العشرينات من عمره- آنذاك – لرجال من أمثال المجاهدين العظام .. أحمد حسنين و محمد عبد الله الخطيب و لاشين أبو شنب وعبد المتعال الجابري وعز العرب فؤاد و جابر رزق و غيرهم الكثير مما لا يتسع المقام لسرد أسمائهم , حفظ الله من بقي ورحم الله من توفاه منهم , ثم بجانب هؤلاء العظام كان جيل الوسط .. عبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان ووجدي غنيم و إبراهيم الزعفراني و مختار نوح و غير هؤلاء كثير , ما الذي يمكن أن تُحْدِثه صحبة مثل هذه ؟ .
برغم مرور تلك السنوات إلا أنني لا زلت أذكر حلق الذكر وما كان فيها من خير , لا زلت أذكر دروس الدكتور إبراهيم الزعفراني في أصول الفقه من كتاب إعلام الموقعين لابن القيم ثم من كتاب أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف , كذلك دروس العقيدة للأستاذ وجدي غنيم , وأصول الدعوة للدكتور عصام العريان , ثم دروس في السيرة النبوية ودروس في تربية الأولاد للأستاذ حسن جودة . كل هذا كان يتم في سجن أبو زعبل في إطار برنامج ثقافي كامل يشمل أيام الأسبوع جميعا .
مع قدوم شهر رمضان المبارك جمعنا الدكتور عصام العريان – وقد شرفت بصحبته في زنزانة 11/3 في سجن أبو زعبل- وقال : نريد أن نفعل شيئا يُنْسي الناس ألم فراق أهليهم في أول أيام رمضان , وتشاور الجميع وكانت النتيجة إفطارا جماعيا للسجن كله , كل زنزانة تنزل ما عندها من طعام ثم يتفرق أفرادها على باقي الفُرُش ليحدث تعارف وتآلف بين الناس , نسي الجميع وقتها أننا في سجن , بل كنا نتندر فيما بيننا : هل يستطيع أحد خارج السجن أن يقيم مثل هذا الإفطار؟
حدث مثل هذا في يوم عيد الفطر , وما تزال محفورة في الذاكرة صورة أحد الإخوان – كان يعمل حلواني- وهو يحمل تورتة مرسوم عليها شعار الإخوان .. المصحف والسيفين , يسير خلفه طابور طويل من الإخوان يرقبونه .. أين سيضع هذه التورتة ليشاركوه فيها , بعدها تقاذفنا بالشوكلاتات والحلويات في بهجة وفرحة لا تضاهيها فرحة الأطفال بيوم العيد . وفي المساء كان الموعد مع حفل السمر الترفيهي الذي كان يقدم لفقراته أسعد طه حراز طالب الهندسة آنذاك , المذيع اللامع ومقدم البرامج الفذ بفضائية الجزيرة فيما بعد , لعبنا وفرحنا وغنى الجميع
مع تصاعد حملة الإعتقالات الشرسة التي يخوضها النظام ضد شباب وقادة الإخوان , وجدتني أعود بالذاكرة إلى الوراء ربع قرن من الزمان .. إلى خريف العام 1981م , حيث إختار السادات أن يختم حياته بصدام مع كل ألوان الطيف السياسي آنذاك , من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار, فيما سُمِّي وقتها بأيلول الأسود .. الطبعة المصرية !!. عادت بي الذاكرة إلى هذه الأيام وتذكرت كيف جمعتنا تلك الإعتقالات نحن شباب الجامعات- آنذاك - مع قادة وشيوخ الدعوة في هذا الوقت , فيما كنا نعده معسكرا طويلا على حساب الدولة , كما كان يحلو لكثير من الإخوان تسميته , و قد شاءت إرادة الله أن تجتمع في هذا ( المعسكر ) أجيال عدة , لتتم عملية توريث الدعوة بصفائها وبهائها للأجيال الشابة بشكل لا يستطيع الإخوان أنفسهم التخطيط له أوتنفيذه لو أرادوا , ولا عجب فتلك دعوة الله يدبر لها كيف يشاء سبحانه وتعالى , وقد يعجب القاريء الكريم أشد العجب إذا علم أن هذا – أي التوريث- كان الهدف الإستراتيجي الأول للأستاذ التلمساني رحمه الله بعد خروجه من المعتقل في بداية السبعينيات من القرن الماضي , ولذا كان أحد ظرفاء الإخوان كثير الدعابة معي قائلا : والله السادات ده جزاه الله خير.. عمل للدعوة معسكر مجاني.
و للقاريء الكريم أن يتخيل ما يمكن أن تُحْدِثه مرافقة شاب مثلي في العشرينات من عمره- آنذاك – لرجال من أمثال المجاهدين العظام .. أحمد حسنين و محمد عبد الله الخطيب و لاشين أبو شنب وعبد المتعال الجابري وعز العرب فؤاد و جابر رزق و غيرهم الكثير مما لا يتسع المقام لسرد أسمائهم , حفظ الله من بقي ورحم الله من توفاه منهم , ثم بجانب هؤلاء العظام كان جيل الوسط .. عبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان ووجدي غنيم و إبراهيم الزعفراني و مختار نوح و غير هؤلاء كثير , ما الذي يمكن أن تُحْدِثه صحبة مثل هذه ؟ .
برغم مرور تلك السنوات إلا أنني لا زلت أذكر حلق الذكر وما كان فيها من خير , لا زلت أذكر دروس الدكتور إبراهيم الزعفراني في أصول الفقه من كتاب إعلام الموقعين لابن القيم ثم من كتاب أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف , كذلك دروس العقيدة للأستاذ وجدي غنيم , وأصول الدعوة للدكتور عصام العريان , ثم دروس في السيرة النبوية ودروس في تربية الأولاد للأستاذ حسن جودة . كل هذا كان يتم في سجن أبو زعبل في إطار برنامج ثقافي كامل يشمل أيام الأسبوع جميعا .
مع قدوم شهر رمضان المبارك جمعنا الدكتور عصام العريان – وقد شرفت بصحبته في زنزانة 11/3 في سجن أبو زعبل- وقال : نريد أن نفعل شيئا يُنْسي الناس ألم فراق أهليهم في أول أيام رمضان , وتشاور الجميع وكانت النتيجة إفطارا جماعيا للسجن كله , كل زنزانة تنزل ما عندها من طعام ثم يتفرق أفرادها على باقي الفُرُش ليحدث تعارف وتآلف بين الناس , نسي الجميع وقتها أننا في سجن , بل كنا نتندر فيما بيننا : هل يستطيع أحد خارج السجن أن يقيم مثل هذا الإفطار؟
حدث مثل هذا في يوم عيد الفطر , وما تزال محفورة في الذاكرة صورة أحد الإخوان – كان يعمل حلواني- وهو يحمل تورتة مرسوم عليها شعار الإخوان .. المصحف والسيفين , يسير خلفه طابور طويل من الإخوان يرقبونه .. أين سيضع هذه التورتة ليشاركوه فيها , بعدها تقاذفنا بالشوكلاتات والحلويات في بهجة وفرحة لا تضاهيها فرحة الأطفال بيوم العيد . وفي المساء كان الموعد مع حفل السمر الترفيهي الذي كان يقدم لفقراته أسعد طه حراز طالب الهندسة آنذاك , المذيع اللامع ومقدم البرامج الفذ بفضائية الجزيرة فيما بعد , لعبنا وفرحنا وغنى الجميع
بالدين يسمو المرء للعلياء
وينال ما يرجو من النعماء
الدين نور والضلالة ظلمة
الدين نور والضلالة ظلمة
شتان بين النور والظلماء
و غنينا كذلك
و غنينا كذلك
تهون الحياة تهون السجون
ولكن إسلامنا لا يهون
نضحي له بالعزيز الكريم
نضحي له بالعزيز الكريم
ومن أجله نستحب المنون
في هذا الجو المفعم بالحميمية والربانية عشنا تلك الأيام , كان الواحد منا يشعر من فرط سعادته أنه لا يعيش فوق
لأرض , بل يحلق في السماء , وكنا نتسامر مع بعضنا البعض قبل الخلود إلى النوم , فيعلو صوتنا بالضحك , فكان هذا يغيظ السجانين و يكاد يصيبهم بالجنون , ذلك أن المسألة كانت فوق مستوى الإستيعاب بالنسبة لهم , علام تضحكون ؟!! . وكان من أطرف ما سمعناه منهم لدى إستقبالهم لأي دفعة جديدة من المعتقلين هو قولهم للواحد منا : إبعد عن اللهم يتم أطفالهم ورمل نساءهم وأدعو كما تشاء.
هكذا مرت بنا الأيام , حتى وجدتني ذات يوم أسأل فضيلة الشيخ / عبد المتعال الجابري – رحمه الله – قائلا : ياسيدي .. علام نأخذ الثواب ؟ فقال : كيف ؟ قلت : أنا شخصيا – ومثلي في هذا كثير – لو خُيِّرت بين الخروج من المعتقل أو البقاء فيه لفضلت البقاء , ففيم الثواب إذن ؟ فرد الرجل بحكمة المربي قائلا : يا بني .. إن السجن بلاء ولا شك , والصبر عليه له جزاء عند الله عظيم , أما وقد أنعم الله عليكم بالرضى بقضاء الله وقدره فتلك نعمة يجب أن تحمدوا الله عليها ...ء
هكذا مرت بنا الأيام , حتى وجدتني ذات يوم أسأل فضيلة الشيخ / عبد المتعال الجابري – رحمه الله – قائلا : ياسيدي .. علام نأخذ الثواب ؟ فقال : كيف ؟ قلت : أنا شخصيا – ومثلي في هذا كثير – لو خُيِّرت بين الخروج من المعتقل أو البقاء فيه لفضلت البقاء , ففيم الثواب إذن ؟ فرد الرجل بحكمة المربي قائلا : يا بني .. إن السجن بلاء ولا شك , والصبر عليه له جزاء عند الله عظيم , أما وقد أنعم الله عليكم بالرضى بقضاء الله وقدره فتلك نعمة يجب أن تحمدوا الله عليها ...ء
الحمد لله .. الحمد لله ألف مرة أن سخر لنا رجالا من أمثال هؤلاء ...ء
ومرة أخرى نسأل : هل يستوعب الطغاة الدرس؟ !!!ء
هناك ٨ تعليقات:
الأول السلام عليكم
عارف بجد والله حسيت بفرحة غريبة وانا بقرا الدستور النهاردة وعرفت خبر اعتقال ابناء الاخوان المعرضون للمحاكمة العسكرية لسببين اولهم اني افتكرت كلام الشعراوي مع حسني لما بيقوله ان كان الحاكم ظالم كره الناس في الظلم والظالم وان لم يكن حاكما
وتاني حاجة لما تشوف الخوف في عيون الجلاد مش المظلوم ربنا يسرهم يا رب
جزاك الله خيرا على انك اخذتنا لنحلق في هذا الجو الرباني وفعلا من هم بهذه الروح وهذا الاخلاص تهون الحياة عندهم وتهون السجون واعتقد انه آن لنا ان ننشد هذا النشيد الآن لاننا جميعا نعيش في سجن كبير ولكن ليس معنا من كانوا معكم ليهونوا علينا ما نحن فيه
فتقبل الله منك جهاذكم وجعله في موازين اعمالكم
مدونه جميله سعدت بزيارتها
وإن شاء الله يكون بينا زيارات أخرى
إلى كبير المتشردين
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اللهم فرج الكرب
قل : آمين
للأمل المنشود
فتح الله لك أبواب الأمل
اللهم آميييييييييين
إلى الأخ الحبيب / إبن يسري
أهلا وسهلا بك في بيتك وطـــــــني شرفت بزيارتك
شكرا على إطرائك الرقيق
حقيقي جزاك الله خيرا
ياريت زوجات الاخوة يكون الكلام ده يد حانية تربط علي كتفيهن وتزيدهم صبرا وثبات علي صبرهم وثباتهم جزاهن الله عن الدعوة خيراعلي فكرة هم جدعين اويييي
حقيقي جزاك الله خيرا
ياريت زوجات الاخوة يكون الكلام ده يد حانية تربط علي كتفيهن وتزيدهم صبرا وثبات علي صبرهم وثباتهم جزاهن الله عن الدعوة خيراعلي فكرة هم جدعين اويييي
إرسال تعليق