كثيرون هم الذين يعرفون الدكتور عصام العريان .. الخطيب المفوه .. و الكاتب البليغ .. و السياسي المحنك .. و المثقف الذي يفرض احترامه على أشد مخالفيه بعدا عن فكره .. ثم نجما ساطعا يسعد به الجمهور على اختلاف أطيافه السياسية والفكرية في مختلف الفضائيات . أما عصام العريان الإنسان .. المربي .. القدوة .. فهذا ما لا يعرفه إلا قليل – نسبة لمن يعرفونه كسياسي- و أحمد الله عز وجل أن شرفني بأن كنت من هذا القليل , كان هذا في اعتقالات سبتمبر من العام 1981م في سجن أبي زعبل .. هذه الفترة التي كتبت عنها قبل ذلك أكثر من مرة أنها كانت منحة من الله عز وجل لعباده الصالحين .ء
في هذه الفترة عرفته إنسانا يحب الحياة .. بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى , يشيع الحب والود بين المحيطين به , و ينشر السكينة عليهم بأدبه وكرمه و حسن خلقه , يهتم بمشاكل من حوله و يغرس في صدورهم الطمأنينة بحسن الرعاية و كرم العشرة , و ما زلت حتى اللحظة أتذكر كيف كنا نتنادى لرؤية وجهه أثناء نومه بما حباه الله عز وجل من براءة تغالب براءة الأطفال و بشاشة لا تفارقه حتى أثناء نومه , و لا زلت حتى اللحظة أراه و هو يعطيني المصحف كي يراجع معي القرآن الذي أنعم الله عليه بحفظه عن ظهر قلب , و لا زلت حتى اللحظة أرى القرآن ينساب من بين شفتيه رقراقا عذبا و أنا أراجع له القرآن صباح كل يوم . عرفته إنسانا يحمل هم إخوانه و ينشغل بهذا الهم ويتفنن في سبل كشف هذا الهم عنهم , و من المواقف التي لا أنساها للدكتور عصام يوم أن طلب من إدارة السجن أن تسمح له بإحضار بويات لدهان جدران السجن على حسابه الخاص .. مما كاد يصيب الضباط بالجنون , حتى إن أحد الضباط قد سأله : إنت ناوي تعيش هنا على طول يا دكتور؟!!! ورفض مأمور السجن الفكرة بشدة , وقد كان هذا الموقف مثيرا لنا نحن أيضا و ليس للضباط فقط , غير أنه كان درسا في حب الحياة و حب الجمال و مغالبة الصعاب , حتى في أحلك الأوقات .. في السجن .ء
و مع اقتراب شهر رمضان المبارك وجدناه يقول لنا : نريد أن نفعل شيئا يشغل إخواننا عن التفكير في أسرهم خاصة في أول يوم من رمضان و اجتمعت الأفكار على تنظيم إفطار جماعي لكل نزلاء السجن وبدأنا بطلب ما يلزم من الأهالي في الزيارات .. تمر و حلوى و مشروبات و خلافه , وقمنا – باستخدام بقايا الخبز و المجلات و الجرائد القديمة- بعمل أكياس كبيرة بعدد الزنازين وبداخل كل كيس أكياس صغيرة بعدد أفراد الزنزانة , وبداخل كل كيس صغير بضع تمرات و مع كل كيس رسالة هذا- على ما أذكر - نصها :-ء
الأخ الكريم / فلان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوانك في 11/3 – رقم زنزانتنا- يهنئونك بحلول شهر رمضان المبارك ويدعونك لحضور الإفطار الجماعي في أول أيام شهر رمضان المبارك
وكل عام و أنتم بخير و تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
إخوانك : 11/3
ثم قام الأخوان الكريمان : د.إبراهيم الزعفراني و الأستاذ وجدي غنيم – إن لم تخني الذاكرة- بتوزيع الدعوات لكل زنزانة على حدة , ولبى الجميع( تقريبا ) الدعوة وكان يوما جميلا نسي الناس وقتها أنهم في سجن , وكنا نتندر فيما بيننا بأن أحدا خارج السجن لا يستطيع أن يقيم مثل هذا الإفطار , و مر اليوم كأحسن ما يكون , ولم يعكر صفوه إلا بعض التصرفات الصبيانية من بعض المخالفين لفكر الإخوان , حيث كان بعضهم يقوم بزيارة الزنازين لدعوة الناس لعدم الاستجابة لهذه الدعوة تحت زعم أنها – أي تلبية الدعوة- تكثير لسواد جماعة تدعو لبدعة !!!.. والمقصود هو الإخوان بالطبع , و الحمد لله كانت استجابة الناس للدعوة واسعة حتى أن كثيرا من الإخوة كانوا يداعبوننا سائلين : إنتو نازلين الانتخابات ولا إيه ؟!!! .ء
و مما لا ينسى كذلك لعصام العريان .. يوم قيام بعض الصبيان بعمل تمرد داخل السجن بإعلانهم اعتقال مأمور السجن داخل مكتبه !!! , و هنا استبد الخوف والقلق بشيوخ الإخوان ( الذين شرفنا بصحبتهم في هذا الوقت , وكانوا قد عايشوا مذبحة الإخوان في نفس المكان في عهد عبد الناصر حيث قام الجنود بإطلاق النيران عليهم و هم داخل الزنازين ) , و لذلك حذرونا بشدة : لو لم تنتهي هذه المهزلة فورا فسوف تتكرر المذبحة التي حدثت هنا منذ عشرين عاما مرة أخرى , ساعتها استشعر العريان مسؤوليته تجاه من معه - بمن فيهم هؤلاء الصبيان – و قام بجمع عدد من الشباب مفتولي العضلات و قادهم متجها لمكتب المأمور ووجه كلامه بحزم لهؤلاء الصبية قائلا : هي كلمة واحدة .. إما أن تنهوا هذه المهزلة فورا أو ننهيها نحن بالقوة , فاستجابوا و انتهت المهزلة بالفعل , و خرج المأمور من مكتبه في غاية الثورة .. يسب و يشتم و يهدد ويتوعد , حتى قام الإخوة الفضلاء : د.عبد المنعم أبو الفتوح و الأستاذ مختار نوح مع الدكتور عصام بتهدئته و الاعتذار له ومر اليوم بسلام .ء
ذات يوم تعدى أحد هؤلاء الصبية بالسب على أحد شيوخ الإخوان , و إذا بنا جميعا و بعد صلاة المغرب نسمع عصام العريان يزأر كما الأسد و يغلي صدره غضبا كما المرجل في ساحة السجن : حرام عليكم أيها الأخوة أن تجعلوا السجن سجنين وكفانا ما نحن فيه من سجن , و إذا لم يكن لكم كبير فنحن لنا كبير و هذا هو كبيرنا , و كان هذا الموقف – على ما أذكر - مع الحاج أحمد حسنين حفظه الله أو مع الحاج عز العرب فؤاد رحمه الله رحمة واسعة.ء
وبعد .. فتلك مواقف تربوية و إنسانية عايشتها مع أخي الحبيب و أستاذي الفاضل د.عصام العريان أردت – بحكايتها – أن ألقي بعضا من الضوء على بعض ما خفي من سماته حفظه الله و فك أسره و أسر إخوانه .. اللهم آمين .. و إلا فالرجل يستحق من تلامذته و محبيه أكثر من هذا بكثير .ء
سلام عليك من رب العالمين يا عصام .. تقبل الله منك الصيام والقيام و صالح العمل .. تقبل الله منك جهادك و صبرك على الأذى .. .تقبل الله منك حسن عشرتك لإخوانك وحبك لهم يا .... تلمساني العصر
....................................................................
هناك ٢٣ تعليقًا:
كل عام وانت بخير
وعيد سعيد عليك وعلي الاسره جميعا
وربنا يجعلك من المقبولين في رمضان ومن
الذين أعتقوا في هذا الشهر العظيم
وجزاك الله خير فعلا نشرك لموضوع دكتور عصام العريان دة احقاق لرجل كان من الدرجه الاوله اب واخ ومعلم
احمد الجيزاوى
كل سنة وحضرتك طيب
وتقبل الله منا ومنكم
وعلقت على المقال في الموقع
وجزاكم الله خيرا
بسم الله
جزاكم الله خيرا استاذنا
وجعله في ميزان حسناتكم
فعلا الدكتور عصام - بارك الله فيه - من الرجال اللذين قل الزمان ان يجود بمثلهم
تحياتي
البحر
كل عام وانتم بخير بمناسبة عيد الفطر والحمد لله الذى جعل استاذنا بين اهله الان
عزيزي المدون بصبح عليك
واقولك كل سنه وانت طيب
وخروج الدكتور عصام ما هوا الا نصر
وباذن والله نصر وراء نصر ونصر بنصر
الحمد لله علي سلامته
لاول مرة بالاسكندرية : دعوة لكل مواطن ولكل مدون حر: لحضور .............
ملتقي الدفاع عن سجناء الراي وحقوق الانسان بالإشتراك مع ....
تجمع المدونين الطامحين في وطن عربي بدون سجين رأي واحد
و بحضور نخبة من الصحفين والسياسين والمدونين
فرصه حقيقيه ليجتمع المدونين مع بعضهم البعض
ويعلنوا تضامنهم مع حرية الصحافه والكلمه في مصر
موعدنا : الخميس 18/ 10 الساعه 5
بنادي المحامين بجليم كورنيش البحر الاسكندرية
اعلن عنا في مدونتك
ربنا يبارك فيك وفيه
اول تجمع حقيقى للمدونين
لاول مرة بالاسكندرية
ملتفى الدفاع عن سجناء الرأى وحقوق الانسان
الخميس القادم الساعة الخامسة مساءا بنادى المحامين بجليم
الجيزاوي
اللهم... آمين... آمين... آمين
ولك أيضا بمثل ما دعوت
صدقت أخي الكريم د.عصام نعم الأخ والصديق والمعلم والمربي ... أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله
إبن الغالي .. دكتور حر
تقبل الله منا ومنكم وكل عام وأنتم بألف خير
ماشي يا هندسة
أحمد سعيد البسيوني
أهلا وسهلا بك في زيارتك الأولى للمدونة
اللهم آمين
نتواصى بالدعاء بظاهر الغيب لأخينا و أستاذنا د.عصام
إسلام رفاعي
شرفتنا بزيارتك يا إسلام ونرجو دوام التواصل
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
كل عام وأنتم بألف خير وتفبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح العمل
سلمكم الله وحفظ أمثالكم لنا
ودمتم لنا أسوة وقدوة
كل سنة وحضرتك طيب
:)
المواطن المطحون
بصبح عليك .. حلوة
كان هذا إسم برنامج يذاع صباح كل يوم على البرنامج العام من زمااااااان
عموما صباح الفل ... بس لسة ما جوبتنيش الخبيز إمتى؟
محمد الشاعر
أهلا وسهلا بك في مدونتك وطني
شرفتني بالزيارة .. وأرجو دوام التواصل وكل عام وأنتم بألف خير
تجمع المدونين .. يللا نفضحهم
أشكركم للدعوة و أعتذر عن عدم الحضور لوجودي خارج مصر
خالص الأمنيات والتحيات
وكل عام وأنتم بألف خير
القسام
أكثر الله من القساميين
اللهم آمين
أشكرك لزيارتك الأولى .. شرفتني و أسعدتني بالكليب فقد قمت بتلبية طلبك في الحال وسعدت به أيما سعادة
جزاكم الله خيرا
كل عام وانت والامه الاسلاميه بخير
استاذنك فى وضع رابط مدونتك عندى
عازف الناي
أهلا وسهلا بك في مدونتك وطني
كل عام وأنت بألف خير وعافية وتقبل الله منا ومنكم صالح العمل
هذا شرف لي يا عازف الناي
وكل ما في المدونة تحت أمرك
أشكرك للزيارة
وطنى
اكثر من الوطنيين المحبين لبلادهم
اللهم اميين
جزاكم الله خيرا على تشريفك للمدونة
اسعدتنى كثيرا
كل عام وانتم بخير
القسام
نجمتي الصامدة
تقبل الله منا ومنكم صالح العمل اللهم آمين
بارك الله فيك بنيتي وحفظك من كل سوء
ربنا يكرمه و يفك سجنه هو و اخوانه و ينصر المجاهدين في كل مكان
جزاك الله خيرا على نقل الموضوع
سمبتيك
أهلا وسهلا بك في زيارتك الأولى للمدونة
الحمد لله الدكتور في بيته الآن وهو حر طليق بفضل الله تعالى
أما عن النقل فعذرا هذه كلماتي وليست منقولة
خالص تحياتي
إرسال تعليق